متطلبات المرحلة.. وخطة الانتعاش الاقتصادي

حمود بن علي الطوقي

أتناول في مقالي ما كشفتْ عنه الأرقام المشجعة للمنشور المالي لوزارة المالية؛ حيث أعلنت الحكومة أن الميزانية العامة للدولة سجلت نموا خلال الربع الأول من العام 2022 وارتفعت الإيرادات بنسبة جيدة بلغت نحو 66.5% ونتيجة لهذا النمو ارتفع الإنفاق بنسبة 3.8%.

حقيقة هذه الأرقام والتي تحققت بفضل سياسة التوازن المالي التي أعلنت عنها الحكومة في مطلع أكتوبر 2020 من خلال وضع خطة محكمة لتحقيق التوازن المالي متوسطة المدى، (2021- 2024) والتي تهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية والتوازن المالي بين الإيرادات والنفقات العامة مع نهاية عام 2024، وتهيئة الظروف المالية الداعمة لانطلاق الرؤية الوطنية "عُمان 2040".

نلاحظ أن الأرقام المعلنة تقودنا إلى أن نتفاءل بالمستقبل؛ حيث أشارت الأرقام إلى تحقيق فائض مالي بنحو 357 مليون ريال. وربما هذا التفاؤل يقودنا إلى أن نوجه الدعوة باستمرار الحكومة بطرح المزيد من الإصلاحات الاقتصادية مستفيدة من الارتفاع الكبير لأسعار النفط التي تجاوزت المائة دولار خلال الأشهر القليلة الماضية، وأرى بناءً على هذه المعطيات أن الحكومة قادرة على تجاوز العقبات، وذلك بتوجيه البوصلة نحو تشجيع قيام كيانات اقتصادية كبيرة ودعوة الشركات العملاقة ذات رؤوس أموال كبيرة للاستثمار في السلطنة التي تتميز بوجود مناطق اقتصادية حرة، ويجب أن تراقب الحكومة مواقع القوة للاقتصاد الوطني وتهيئ البيئة الملائمة لتكون عامل جذب للشركات العملاقة التي ترغب أن تطأ أقدامها بلادنا. كما يجب علينا- كحكومة وأطراف إنتاج- أن نشجع قيام كيانات اقتصادية ضخمة وتوسيع قاعدة الإنتاج، وهنا نحن نحتاج إلى رؤوس أموال حقيقية قادرة على دفع عجلة التنمية، وعلينا أن نبتعد عن فكر الاستثمارات الصغيرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

نحتاج إلى أن يتحرك جهاز الاستثمار العماني للتفاوض وجلب الشركات العالمية العملاقة لتكون سلطنة عمان وجهتها المفضلة، وأن تعمل الشركات على توفير الفرص الوظيفية لأبناء البلد. ونحتاج خلال المرحلة المقبلة أن نستفيد من ارتفاع إيرادات النفط، ونوجه المبالغ في تمكين كوادرنا الوطنية وتأهيلها، وأن نضع في الاعتبار أن بناء الإنسان العماني خير استثمار.

سبق أن اقترحت- وما زلت اقترح- على الحكومة وفي إطار الزيادة المطردة للنفط، أن تتخذ خطوات استباقية من أجل رفاهية وإسعاد المواطن، بتحقيق العديد من المطالب التي ستساهم في رفاهية المواطن؛ منها على سبيل المثال لا الحصر رفع رواتب المتقاعدين بنسبة لا تقل عن 25% ورفع رواتب الموظفين في الأجهزة الحكومية بنسبة لا تقل 15%، وأيضا رفع الحد الأدنى للراتب في القطاع الخاص للشركات الكبيرة إلى 400 ريال بدلا من 325 ريالا. وهذا ما تتجه نحوه الحكومة حسب تصريحات الأخيرة لسعادة وكيل العمل.

كما يجب الاستعداد من الآن لوضع خطة بديلة لإنعاش وتحفيز الاقتصاد وأن تكون هذه الخطة مبنية على تطلعات كبيرة جدًا، بحيث يشعر المواطن بنتائجها، ويُدرك أن ما تم رسمه سابقاً من خطة للتوازن المالي سيعقبه خطة لإنعاش الاقتصاد يعود بالنفع عليه. كما يجب أن تعيد الحكومة النظر في تشجيع التعليم الجامعي وفتح المجال للابتعاث الخارجي، بما لا يقل عن 2000 بعثة في السنة في التخصصات المهنية ذات العائد الاقتصادي على الفرد والمجتمع.

وأيضاً معالجة ظاهرة البيع العشوائي للأسر في الطرقات خاصة فئة الأطفال، وأن يكون البيع من أجل التشجيع على غرس ثقافة ريادة الأعمال، ويكون تحت إشراف هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

إننا نتفاءل بالمستقبل وبجهود الحكومة الرشيدة ونتطلع إلى أن نرى بلادنا وقد تجاوزت كل العقبات وماضية نحو انطلاقة قوية تترك أثرها الطيب على الجميع.