إنها الحرب!

 

 

◄ هذا التقدم التقني في وسائل الاتصال والإعلام إجمالًا وفّر على الجمهور عناء انتظار الخبر.. لكنه بات عرضة لسيل من المعلومات الخاطئة أيضًا

 

عوض المغني

في أدبيات الإعلام تعرف حرب الخليج الثانية "تحرير الكويت" بأنها أول حرب تنقل مباشرة وذلك بفضل التقدم التقني حينها، والذي كان أكثر تقدما في تغطية نظيراتها من الحروب السابقة، فلا الحرب العراقية الإيرانية التي سبقتها بأعوام قليلة حظيت بتلك التغطية، ولا غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان عام 1979 كذلك.

هذا التقدم التقني في وسائل الاتصال والإعلام إجمالًا وفّر على الجمهور عناء انتظار الخبر ومع استمرار التقدم تعددت المصادر الخبرية، سوى أن إشكالية هذا التقدم عرَّض الجمهور نفسه لكم هائل من المعلومات تحتاج إلى تنقيح وتنقية مستمرة ليصل إلى المعلومة الصحيحة بدلًا عن المعلومة الخاطئة، فما بالك لو صاحب هذا السيل المعلوماتي الجارف تخطيط مسبَق من أطراف الصراع لتحريف الرواية المتدولة أو بث ما يريده لكسب تعاطف الرأي العام العالمي، وهذا ما يحدث بالضبط في الحالة الروسية الأوكرانية.

في كتابه "قضايا خاسرة" أورد الصحفي الراحل رياض الرَيِّس مقتطفًا من أحد حواراته مع السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- حيث أشار السلطان الراحل إلى أنَّ القوى الكبرى في العالم عندما تريد التدخل وشن الحروب لن يوقفها أحد، وذلك في معرض رده عن رأي السلطان في خطط القوى الكبرى للسيطرة على مصادر الطاقة (النفط) أواسط السبيعينات من القرن الماضي، بعد التأثر الكبير جراء امتناع الدول العربية الخليجية خصوصا بيعه للغرب أثناء حرب أكتوبر 1973.

بالتأكيد الأمثلة على سماجة القوى الكبرى في العالم في التدخل العسكري عديدة وواضحة، وأقربها للذاكرة تدخل حلف الناتو في ليبيا عام 2011، وقبلها احتلال الولايات المتحدة للعراق بذريعة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل عام 2003، ولا أدري إلى أي مدى أقنع كولن باول وزير الخارجية الأمريكي حينها المجتمع الدولي بشن تلك الحرب الغاشمة خلال عرض مرئي بسيط قيل إنه استخباراتي؟!

حتى مع السُبات الذي دخلته قوة عظمى كالاتحاد السوفييتي وانعتاق دوله خلال ثلاثة عقود، لم تتوقف دعوات شن الحروب فبعد أن كانت حربا باردة طيلة 50 سنة بين المعسكرين الغربي والشرقي، سخنت جبهات أخرى حول العالم سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

لكن أنَّى لهذه الصراعات أن تتوقف وتأتي تغذيتها من فكرة "صراع الحضارات"، والبحث عن عدو توجه له البندقية بعد هزيمة المعسكر الشرقي "حلف وارسو"، والتفكير في التوسع شرقًا والإصرار عليه لمحاصرة أي قوى شرقية تفكر بالنهوض اقتصاديا ومشاركة كعكة العولمة والنظام الاقتصادي الحديث.

كيف لهذه الحروب أن تنتهي وما زالت تجارة السلاح رائجة ووصلت إلى أرقام قياسية، وهنا لا فرق بين دول الشمال أو الجنوب المليئة بالصراعات الإثنية والعرقية، فزيادة الحصة السوقية لتجارة الأسلحة ارتفعت من 10% إلى 13%، بينما في السوق الأمريكي ارتفعت نسبة مبيعاتها 39%، تليها روسيا بـ19% ففرنسا 11% والصين 4.6%.

تعليق عبر الفيس بوك