السلطان يجتمع بأصحاب الأعمال

 

خليل بن عبدالله الخنجي **

 

التقى المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- في بداية حكمه في بيته المُؤقت "بيت شونسي" بجوار قصر العلم العامر بمدينة مسقط، بأصحاب الأعمال؛ حيث استقبل في شتاء عام 1971 مجموعة من التجار لمُناقشة متطلبات تلك المرحلة، وذلك عقب تقلده حكم البلاد في 23 يوليو 1970.

وتداول السلطان الراحل مع تجار السوق المعنيين بالشأن الاقتصادي، مُجمل تحديات المرحلة من مسيرة النهضة ومشاكل الاستيراد والتصدير في فرضة مسقط، وذلك سبّبَ تأخُر تنزيل البضائع؛ حيث عانت مسقط في تلك الفترة من تأخر تخليص البضائع بسبب النشاط المفاجئ لحركة الاستيراد والتصدير، مما تسبب في تكدس البضائع في الفرضة لمدد تتجاوز الشهرين. وحضر الاجتماع الأول بمعية السلطان الراحل تجار مسقط ومطرح، ومن بينهم التجار التالية أسماؤهم والذين اشتغلوا في تجارة الجملة، ومنهم: محمد بن الزبير بن علي، وموسى بن عبدالرحمن حسن وابنه عبدالله موسى، وجعفر بن عبدالرحيم البحراني وابنه عبد الرحيم جعفر، ودرويش حيدر درويش الزعابي وأخوه محسن حيدر درويش، وجوجلداس كيمجي وابنه كنك كيمجي، ورمنيكلال كوتاري، وشاه ناجرداس كانجي، ومن مطرح محمد بن عبدالله الخنجي وابنه عبدالله الخنجي، وطالب بن محمد الزكواني وابنه محمد بن طالب، وقمر سلطان محمد فاضل، وأخيه علي سلطان، ومال الله حبيب مراد وابنه أمين مآل الله، ومحمد موسى عبداللطيف، وحسن علي عبداللطيف، وباقر سليمان جعفر، وعبدالقادر الشهورزي، وسلمان ناجواني، وسعيد بن ناصر الحشار، وسهيل وسعود بهوان، وبرسوتم كانجي، ونارنجي هيرجي، والتاجر شبيكه وتوبراني، وغيرهم من التجار في ذلك الزمان.

لقاءات عاهل البلاد الدورية بأصحاب الأعمال، والتي تلت ذلك اللقاء الأول، كانت أيضًا مثمرة؛ حيث تشرف أصحاب الأعمال فرادى أو مجموعات بطرح مرئياتهم مباشرة أمام مقام السلطان قابوس- رحمه الله- وذلك من أجل تنشيط حركة الاستثمارات الداخلية وإقامة الصناعات. وكذلك كان الهدف من اللقاءات هو تذليل الصعوبات التي تواجه الشركات والمؤسسات العاملة في البلاد.

اجتماعات الحكومة مع القطاع الخاص تمثلت أيضًا في اللقاءات الدورية مع صاحب السُّمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء وذلك في مبنى مجلس الوزراء في مسقط أو في المهمات الرسمية خارج البلاد؛ حيث التقى سُّموه في 2012 برئيس غرفة تجارة وصناعة عمان- آنذاك- وكبار رجال الأعمال من جميع أنحاء البلاد في مبنى مجلس الوزراء بحضور مستشار جلالة السلطان للشؤون الاقتصادية في ذلك الوقت، وعدد من الوزراء، وقد سبقتها اجتماعات متكررة مع سموه والوزراء المعنيين خلال الزيارات الرسمية التي قام بها سموه نيابةً عن السلطان، إلى كل من الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والهند وإيران ودول أخرى حول العالم. وهذه الاجتماعات ركزت على تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة وتذليل الصعوبات- إن وجدت- وتبسيط الإجراءات التي ينشدها الجميع.

ومنذ بداية النهضة المتجددة التي يقودها بكل همة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- فإنه- أعزَّه الله- يُشيد في كل مناسبة بدور القطاع الخاص العماني وأهمية مضاعفة مشاركته في جميع المجالات وتوجيه الوزراء المسؤولين عن الملفات الاقتصادية بضرورة تذليل العقبات بدءًا من إعادة مراجعة القوانين الخاصة بالاستثمار وذلك من أجل مرونة أكبر لجلب رؤوس الأموال الخارجية إلى البلاد، وقد أكد جلالته حفظه الله حرصه في الفترة القادمة على الالتقاء بأصحاب وصاحبات الأعمال في مختلف المحافظات، وذلك للاستماع لمرئياتهم من أجل المشاركة الفاعلة في التنمية والتطوير وتبسيط الإجراءات وتذليل الصعوبات التي تكتنف تفعيل الأدوار، في ظل عدم التنسيق بين بعض الجهات المختلفة، وبطء سير عملية الحكومة الإلكترونية والبيروقراطية، وعدم انسجام بعض القوانين التجارية مع متطلبات الفترة المقبلة من النهضة المتجددة.

وإذ يتطلع أصحاب وصاحبات الأعمال من اللقاء المرتقب مع حضرة صاحب الجلالة- نصره الله- لإيجاد منصات فاعلة تسهم في مزيد من الشراكة التي يستظل بها القطاع الخاص في علاقته مع الحكومة، مثل المجلس الاقتصادي الذراع الحكومي المعين، وغرفة تجارة وصناعة عمان التي ينتخب القطاع الخاص أعضاءها، مما يستدعي إعادة صياغة قانونها وفقًا لما اقترحه القطاع الخاص منذ فترة طويلة، وإذ يأمل أصحاب الأعمال أن يؤخذ بمرئياتهم بجدية كاملة؛ حيث إن القانون المقترح تمت دراسته بعناية من قبل فريق متنوع من أصحاب الأعمال، هادفين لإحكامه بحيث ينبثق عنه مجالس إدارات الفروع الإحدى عشر، ومنها محافظة مسقط، والتي تُعنى بشؤون الفروع في المحافظات، إضافة إلى مجلس إدارة غرفة عمان الذي من المؤمل أن يكون أحد نقاط الاتصال بالشراكة مع الحكومة، بجانب مهامه المتعددة في تمثيل سلطنة عمان في الخارج.

ولعل وجود المجلس الاقتصادي المعين إلى جانب مجلس إدارة الغرفة يحقق المعادلة في تنوع الرأي وصولًا للتوازن المنشود، أسوةً بمجلس عمان، وكما هو معمول به في أغلب الدول التي تنشُد مشاركة القطاع الخاص الفاعل.

** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عمان