حكاية سائق.. وحافلة متهالكة.. وطريق غير معبد

 

سالم بن نجيم البادي

المواطن عبدالله بن خميس من سكان وادي العقيبة في ولاية ينقل، سائق حافلة لنقل الطلاب سعة 24 راكبًا، وسنة صنع الحافلة 1992، وعبدالله يعمل في نقل الطلاب منذ العام 1991 وحتى الآن.

ومنذ ذلك التاريخ وعبدالله يناشد السلطات تعبيد الشارع الذي يبلغ طوله 24 كيلومترًا، نصفها تقريبا غير مُعبد، ولقد جرب مقابلة كل المسؤولين أصحاب العلاقة، وطوال تلك السنوات وهو ما زال يحاول ويجري الاتصالات ويكتب الرسائل، ويكلم الشيوخ والرشداء، كما رافق بعض المسؤولين ليريهم صعوبة الوصول إلى قريته الموغلة في البعد بين الجبال، ولا يجد منهم جميعًا غير الجفاء والصد والإعراض، لكنه لم ييأس، ولأن الحافلة مصدر رزقه الوحيد، فهو متمسك بها حتى بعد أن صارت متهالكة مع عجزه عن شراء حافلة جديدة.

ألِف عبدالله العمل وأحبه واجتهد في خدمة المدرسة والطلاب، وأقام علاقات طيبة مع الجميع؛ إدارة المدرسة والمعلمين والطلاب وأولياء أمور الطلاب والمجتمع المحيط بالمدرسة، حتى أصبح أيقونة المكان والزمان والحاضر دومًا، والمستعد للقيام بالأعمال التي توكل إليه مثل الذهاب إلى المديرية التي تبعد حوالي 103 كيلومترات عن المدرسة لإحضار الكتب، وفي فترة من الفترات توصيل المدير لمراجعة المديرية، كما يقوم بتوصيل الطلاب إلى الرحلات القريبة والبعيدة، ويلتزم بالمناوبة التي تستدعي أخذ الطلاب المرضى إلى المركز الصحي، أو إرجاعهم إلى منازلهم إذا قرر الأطباء منحهم إجازة، ومع كل ذلك وعندما يتأخر في الصباح ونادرًا ما يفعل

يجد مدير المدرسة عند باب المدرسة يشير إلى الساعة التي في يده دليلًا على أن عبدالله وصل متأخرًا في ذلك اليوم.

وحين يكتمل نزول الطلاب من الحافلة يهرع عبدالله مسرعًا إلى مكتب مدير المدرسة ليخبره عن أسباب تأخره، ومنها تعطل الحافلة أو انفجار الإطار بسبب وعورة الطريق، فهو يمر بأودية وشعاب وأماكن منخفضة وأخرى مرتفعة وجبال. وعندما يهطل المطر وتسيل الأودية والشعاب وتتقطع به السبل يستخدم سيارة الدفع الرباعي، وحتى هذه لا تفيد إذا كانت الأمطار غزيرة والأودية جارفة.

يُذكِّر عبدالله المدير بالراتب الزهيد والثابت الذي يحصل عليه رغم بُعد المسافة ووعورة الطريق وغلاء الوقود وكثرة أعطال الحافلة، ويحدث أن ينغرس حجر طويل وحاد في الإطار حتى يفسده تمامًا، ويصبح غير صالح للاستخدام مع أنه جديد!

واذا تأخر عبد الله تنهال الاتصالات من الأهالي على إدارة المدرسة حول تأخره، وإذا أتى مبكرا قامت فئة أخرى من الأهالي تحتج على قدومه المبكر!!

وهو في كل الأحوال صبور ومثابر ويحاول أن يرضي كل الأطراف، وقضيته التي يتشبث بها وشغله الشاغل هي تعبيد طريق وادي الحريم ووادي العقيبة وتمهيد الطريق الترابي الحالي الذي قد تمر عليه 4 أشهر دون تمهيد، وكما ذكر عبدالله أن آخر مرة تم تمهيد الطريق الترابي فيها كانت في شهر يناير الماضي، لنقص في المعدات أو التأخر في الحصول على المستحقات المالية الحكومية لأصحاب هذه المعدات.

وعبدالله يتساءل عن المانع الذي يحول دون تعبيد هذا الطريق. ولا يجد الإجابة؛ بل يواجه بالوعود الخادعة والصمت ثم الصمت ولاشيء غير الصمت!