خليل البلوشي والكرم العراقي

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

تابعتُ بشغفٍ كبيرٍ وإعجابٍ شديدٍ حسابات المُعلق العُماني الشهير والأستاذ المحترم القدير، سفير الأرض العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبًا، المعلق الرياضي خليل البلوشي؛ وهو يزور جمهورية العراق الشقيق لأول مرة، فقد كان استقبال أهل العراق للمُعلق العماني رائعًا جدًا لا يوصف إلا بالتقدير والإجلال والاحترام لابن عُمان البار.

لقد نقل المعلق الرياضي الكبير للعالم أجمع على حساباته الشخصية في منصات التواصل الاجتماعي ما رآه من كرم وسخاء وأخلاق وجود لأهل العراق، ورغم أن زيارة المعلق الرياضي إلى العراق كانت قصيرة جدًا، إلا أنه تمكن من خلال حساباته الهادفة من نقل صورة واقعية وحيَّة للعالم أجمع عن العراق وأهله وعاداته وتقاليده، ما أجملها من صور نقلت بمصداقية ونزاهة وأمانة واهتمام عالٍ، عكس ما نسمعه من الإعلام الزائف عن بلاد الرافدين وما فيها من عجائب.

لكن يا ترى هل ما نقله المعلق العماني الكبير خليل البلوشي عن العراق وأبناء العراق كان نقلا كاملًا ووافيًا؟

الجواب أنه من الصعب القول إنَّ النقل كان وافيًا وكاملًا، فهناك الكثير والكثير من عجائب العراق التي لم يقف عليها المعلق العماني البارز بشكل كامل، وهذا يتطلب منه زيارات أطول لأرض العراق ليستطيع ملامسة الواقع العراقي بشكل أفضل وأكمل.

لقد وُفقتُ شخصيًا لزيارة العراق أكثر من اثنتي عشرة مرة، مما يجعلني اليوم أقف حائرًا عاجزًا عن كيفية وصف العراق العظيم وأهله الكرام، فما أجمل الكرم العراقي الذي رأيته والذي يفوق الوصف والخيال، وهذا ليس بكلام أبالغ فيه، وإنما هي حقائق لمستها على أرض الواقع أثناء زيارتي إلى بغداد والنجف والبصرة وكربلاء والحلة وغيرها من المدن العراقية، صحيح أن الكرم العربي كان ولا يزال رائعًا بجميع صفاته وعاداته وتقاليده، ولكن الكرم العراقي أصبح وأمسى يفوق الوصف والخيال، فمن أراد معرفة العراق وما فيها من عجائب الكرم والسخاء فليزرها من تاريخ واحد إلى عشرين من شهر صفر في كل عام؛ ففي هذا التأريخ على وجه التحديد العراق بأسره يتحول إلى مأدبة عظيمة واسعة ممتدة يجب إدخالها موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية في العالم؛ حيث يفرش العراقيون تلك المائدة لزوار العراق من مختلف بلدان العالم بشتى ألوانهم وأطيافهم ومذاهبهم قربة وطاعة إلى الله تعالى، وذلك باسم سيد شباب أهل الجنة حفيد النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم الحسين بن علي، الذي قال في حقه جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: "حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ" حديث صحيح أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وغيرهم. وكثيرًا ما يتفاجأ زوار العراق عند وصولهم إلى بعض المدن العراقية بأن سكنهم وطعامهم وعلاجهم بل وكل احتياجاتهم تقدم لهم بالمجان بلا أي مُقابل.

إن من الفوارق العجيبة والغريبة والتي نراها اليوم بوضوح هي عندما نتأمل الحرب الأوكرانية؛ حيث نجد هناك ما يقرب من 10 ملايين نازح ولاجئ، 3 ملايين فقط خرجوا من أوكرانيا وأصبحوا لاجئين، والغريب أن كل أولئك اللاجئين عجزت الدول بأموالها وإمكانياتها وأغذيتها عن كيفية المحافظة عليهم، فقد فتحت الدول العظمى والكبرى مخزونها الاستراتيجي من النفط والغاز من أجل حمايتهم، ومع ذلك فتلك الدول كلها لا تزال تائهة وعاجزة عن كيفية التعامل مع 3 ملايين إنسان لاجئ، بينما عندما نأتي إلى العراق الشقيق نجد فقط في مناسبة واحدة وهي أربعينية سيد الشهداء الحسين بن علي؛ حيث يستقبل العراق كما تذكر الإحصائيات ما بين 15 إلى 20 مليون إنسان، تلك الملايين الضخمة يأكلون ويسكنون ويتنقلون من مكان لآخر وكل ذلك بالمجان بلا مقابل، فلا تجد هناك امرأة تُهان أو رجلا عطشان، أو مريضا يُترك بلا علاج واهتمام، الكل يعيش حالة رائعة من التعايش السلمي بين الجميع، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على كرم وسخاء المجتمع العراقي واحترامه لأهل العالم الذين يتوافدون على العراق أفواجا من كل مكان.

قد يستغرب البعض مما ذكرته أعلاه والبعض قد لا يصدق، فهل يعقل زائر العراق يدلل بهذه الكيفية بحيث لا يصرف من جيبه ريالًا واحدًا، إن من حق القارئ الكريم التعرف على الحقيقة كما هي ليكون الجميع على يقين مما ينقل ويطرح هنا وهناك، لذا أدعو الجميع لزيارة العراق ليقف الجميع أمام الكرم والضيافة العراقية الأصيلة، وكيف يتسابق أهل العراق في ضيافة زائريه في جميع الطرقات والمحافظات والمدن.

أخيرًا.. أدعو المعلق القدير خليل البلوشي والذي صرَّح وأكد مرارًا أنه ستكون له زيارة ثانية إلى العراق؛ للوقوف على الكثير من التفاصيل والمشاهد السياحية والإنسانية الرائعة والكريمة التي لا زال يسطرها أهل العراق في كل عام لضيوفهم، ونقل الصور المختلفة عما يدور في عموم العراق للعالم أجمع بالصوت والصورة عبر منصات التواصل الاجتماعي، ليعلم سكان العالم من هو العراق ومن هم أهله الأوفياء الكرام، وليستطع الجميع التعرف على الصورة الحقيقية عما يدور في مهد الحضارات وبلاد الرافدين، كما هو الواقع، لا كما تنقله لنا وسائل الإعلام البائسة.