حماية المستهلك في كوكب المريخ

 

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

ترتفع الأسعار يومًا بعد يوم دون رقيب ولا حسيب، وهيئة حماية المستهلك بعد أن كانت البوابة التي تحمي المواطن من الرياح العاتية للتجار، خفتَ صيتها، وتركت المواطن في حيرة من أمره، وتركت المستهلك في كوكب الأرض واقتصر عملها للنظر في قضايا المستهلكين القاطنين على كوكب المريخ، هذا حديث النَّاس في كل المواقع وليس حديثي ولا كلامي.

منذ التحديث الجديد لهيئة حماية المستهلك والمواطن يرى فقط القرارات الصادرة منها بالسماح للشركات والمؤسسات برفع سلعة معينة ومنتج آخر، وتبادر لذهن المستهلك أن دورها تحول من العناية بحقوقه إلى الرعاية والتقدير والعطف على التجار، مما جعل السوق يموج بارتفاعات حادة في كل المنتجات، ولم يسلم منتج تقريبًا من الارتفاع حتى تلك السلع الغذائية التي صدر فيها مرسوم سلطاني بالإعفاء من قانون ضريبة القيمة المضافة والبالغ عددها فوق 500 سلعة ارتفعت أسعارها أو دخلت ضمن القيمة المضافة بدون رقيب من أحد، وقد انتشرت مقاطع فيديو لعدد من المتسوقين تثبت ذلك بالدليل والبرهان، بينما الجهات المعنية لم تحرك ساكنًا أو أنها ما زالت تعمل بصمت، ولا ندري هذا الصمت إلى أين سيصل بقطار الأسعار؟!

حقًا لم تسلم أي خدمة أو منتج من الارتفاع، ومن يقول عكس ذلك متوهم أو غير مدرك لواقع السوق، ولن أضرب أمثلة على ما سمعت ولكن ما شاهدت وما لمست فقط، بالأمس كنت مع خياط الملابس الرجالية لتفصيل ملابس العيد وكنَّا نخيط الدشداشة الواحدة عندما يكون القماش من عندنا بثلاثة ريالات ثم ارتفع إلى 4 ريالات، وبالأمس قال العامل إذا تريد بخمسة ريالات وإذا اخترت لون بستة ريالات، قلت له: هذا تطور خطير ومن سمح لكم، قال: هذه اللائحة معتمدة من هيئة حماية المستهلك بالأسعار الجديدة فوافقت وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله. وكنا في ولاية الخابورة نغسل سياراتنا من الخارج والداخل بريال واحد ومن فترة قريبة زاد السعر إلى ريال ونصف الريال دون أن يتحرك ساكن؛ بل رأينا اللوائح قد تغيرت بالسعر الجديد وبطريقة إلتوائية: الغسيل من الخارج بريال ومن الداخل بنصف ريال. هذا في الخدمات التي تقدم بسعر معروف، فما بالك بورش تصليح السيارات التي لا تعتمد بها أسعار معينة وتخضع لهوى العامل بهذه الورشة دون أن يكون لك حق في الاعتراض تحت مبدأ (كام تريد) وهو مبدأ أصبح ينتشر انتشارًا كبيرًا بعد أن خفت صوت هيئة حماية المستهلك التي كانت توقف مثل هؤلاء عند حدهم.

لن نتحدث عن ارتفاع أسعار الحديد دون مبرر، خاصة وأننا نمتلك مصانع للحديد ليتم تخزينه في المخازن ليباع للمستهلك بأعلى الأسعار فيما بعد، ولن نتحدث عن انعدام الأسمنت من الأسواق والبيع الذي يتم في السوق السوداء حسب الأهواء، ولن نتحدث عن الاحتكار واستمراره بعلم ودراية من هيئة حماية المستهلك، ولن نتحدث عن ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات الجنوني معنا بينما تباع في دول الجوار بأقل من نصف السعر، علما بأنها تستورد من ولاية البريمي، وهذا يعرفه الصغير والكبير، لن نتحدث عن وكالات السيارات ولا عن الشركات العائلية المحتكرة لتوريد السلع الغذائية وغيرها، لن نتحدث عن الفوضى في سوق الأسعار الذي يرضي التجار على حساب المستهلك الذي لا حول له ولا قوة.

بخفوت دور هيئة حماية المستهلك يكون فصل حماية المواطن الذي يقع في كوكب الأرض قد انتهى وعلى كل من يقع في هذا الكوكب النزوح إلى كوكب المريخ حتى يتم النظر في حاله.

إن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر فعلية، فلا يُعقل ما يحدث وما سيحدث من عواقب صعبة وضغط شديد على المستهلك إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، وسيعلن هذا عن انفلات أكثر للسوق وسترتفع الأسعار أكثر وأكثر لنجد أن الشعب يعيش في متوسطين فقط فقير مدقع وغني فاحش الغنى وتنعدم فئة المواطن المتوسط.. ودمتم ودامت عمان بخير.