خطرها عظيم

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

من أكثر المشاكل التي تُعاني منها دول العالم اليوم هي مشكلة المخدرات والإدمان عليها، فقد سخرت تلك المواد الضارة بهدف تدمير عقول الشباب وأجسادهم وأوقاتهم وأحلامهم وطموحاتهم وطاقاتهم البشرية، وقد استطاع صانعو تلك المواد السامة تضليل الكثير من شباب الأمة من خلال إدمان المخدرات السامة.

ونقصد من الإدمان هنا الحالة الذهنية التي تستعبد الشاب المدمن بحيث تجعل منه عبدا ذليلا للمخدرات، بل ومتمسكا بها بلا وعي أو شعور، مما يعني بداية الأمراض النفسية والجسدية لمدمن تلك السموم.

وقد أصبحت ظاهرة المخدرات ظاهرة مؤلمة، خيمت بسمومها على العالم الإنساني بأسره، فهي لم تقتصر على طبقة الأغنياء، بل تعدى تأثيرها إلى طبقة الفقراء، فأصبح وأمسى الكثير من الذكور والإناث في العالم يدمنون تعاطيها، مما يجعل من الأسرة والمجتمع أمام مشكلة اجتماعية حقيقية يجب التعامل معها بحذر وحكمة ودراية وذلك لحماية المجتمع من شر المخدرات وسمومها، ونتائجها الخطرة.

اليوم ومع كل الأسف استطاعت تلك المواد المخدرة تدمير الكثير من المجتمعات، وذلك بإضعاف الطاقات البشرية فيها، فتحولت بعض الدول والمجتمعات إلى دول ومجتمعات هشة ضعيفة لا تقوى على النهوض بطاقاتها وإمكانياتها البشرية وذلك لكثرة إدمان المخدرات السامة فيها مثل الهيروين، والحشيش، والقات، والمورفين، إضافة إلى الترامادول (Tramadol) وأنواع أخرى من السموم المخدرة.

إنَّ للمخدرات عواقب وخيمة ومضرة على صحة الإنسان ووضعه النفسي والاجتماعي، لذا من الواجب على أفراد المجتمع معرفة الأضرار الناتجة عن تعاطي تلك المواد المحرمة شرعا وعرفا، وأذكر منها الآتي:

  • المخدرات تتسبب في تدمير خلايا المخ، بحيث تجعل من الإنسان مسيرا كما يريد أعداؤه لا كما يريد هو.
  • تتسبب في فقدان شهية الإنسان وتجعله ضعيفًا كسولًا لا يقوى على الحركة بحيث لا يكون منتجا في اسرته ومجتمعه ووطنه.
  • تصيب الإنسان بالالتهابات الحادة التي تصيب أجهزة الجسم الحيوية فيصاب مدمنها بالتهاب الكبد الوبائي والايدز والإسهال فيصبح لا يستطيع مفارقة بيت الخلاء أحيانا.
  • تصيب الإنسان بمرض السرطان فيصاب مدمنها بتكسير خلايا الدم وانسداد الشرايين مما قد يعرض الإنسان في أي لحظة إلى الجلطات والسكتات القلبية.
  • تقوم بتدمير العلاقات الزوجة والأسرية مما يجعل من الحياة الأسرية حياة متفككة لا طعم لها ولا رائحة.
  • ترغم مدمنها على ارتكاب جريمة السرقة بأي صورة كانت بهدف الحصول على المال لشراء ما يحتاج إليه من المواد المخدرة حتى لو كلفه ذلك الإقدام على قتل الأبرياء فتنتشر بذلك الجرائم والرذائل والموبقات في المجتمع.
  • تحرض المدمن على الانتحار وإنهاء حياته بكل سهولة وذلك من خلال التأثير المباشر على عقلة وكيانه ونفسه.
  • تعمل على ضياع الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية والدينية والاجتماعية فيصبح مدمن المخدرات كالأنعام لا قيمة له في الحياة الاجتماعية والأسرية.
  • تعمل على إضعاف وكبت الطاقات الجبارة لدى الشباب في المجتمع مما يجعل من التنمية والازدهار متوقفاً في الداخل الاجتماعي.
  • تجعل من المدمن عالة على المجتمع.

وبعد معرفة بعض الأضرار الناتجة عن المخدرات السامة والقاتلة لابد من التعرض إلى كيفية العلاجات المناسبة بحيث يستطيع مدمن المخدرات العودة إلى حياته الطبيعية التي تمكنه من الحياة مع الآخرين بسلام بعيدا عن التعقيدات والتحديات النفسية والاجتماعية والأسرية، فما هي تلك العلاجات التي ينبغي التركيز عليها لحماية المجتمع والأسرة من سموم المخدرات؟

أذكر بعضها مع ملاحظة أن علاج إدمان المخدرات يحتاج إلى تنظيم برامج علاجية متكاملة في المستشفيات المتخصصة وتقديم المشورة اللازمة للمدمنين وذلك من خلال الاستفادة من أهل التخصص، ومساعدة المدمنين على مقاومة الإدمان والتخلص منه، وهذا يتطلب في حد ذاته تفعيل دورات تعليمية تساعد المدمنين على التخلص من الانتكاس، وذلك من خلال تحديد جلسات فردية أو جماعية أو حتى أسرية، ثم خفض جرعات المخدرات واستبدال تلك المواد بأخرى بحيث يعينها المتخصصون في ذلك.

لا بد من العمل على إيجاد الوقاية اللازمة من مشكلة تعاطي المخدرات في المجتمع وحث الأسرة والمجتمع على عظيم خطر تناول المخدرات المختلفة ويتحقق ذلك من خلال:

  • التحدث مع الأسرة حول أخطار المخدرات.
  • الاستماع الجيد لأفراد الأسرة عند ضغط الآخرين عليهم لتناول تلك السموم ودعم جهودهم بشكل جيد لمقاومة تلك السموم.
  • إيجاد القدوة الحسنة، فلابد من الآباء والأمهات أن يجنبوا أنفسهم التعاطي مع تلك السموم كشرب الخمور وتعاطي المخدرات وغيرها ليكونوا القدوة الصالحة لمن حولهم.
  • تقوية العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة فتقوية العلاقات بين الآباء والأبناء تساعد الأبناء على تجنب الأطفال والبالغين من الوقوع في فخ المخدرات.
  • تنظيم دورات تثقيفية في المدارس والكليات والجامعات بهدف توعية الطلبة بأضرار المخدرات ومنع استهدافهم في المواقع الدراسية.

وأخيرًا.. على الجميع أن يعلم أن المخدرات خطرها عظيم وتناولها وإدمانها يعني هلاك الإنسان والله تعالى يقول: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، وقال تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) صدق الله العلي العظيم.