الفتاة المنزوعة الحجاب

 

صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد

 

كانت الفتاة الفاضلة تقوم كل صباح لصلاة الفجر ولأنَّها فتاة مجتهدة فتستكمل صحوها بالمذاكرة ومُراجعة دروسها ثم تستعد للذهاب للمدرسة فتجهز حقيبتها وترتدي ملابسها المدرسية وتضع حجابها وتمضي إلى مدرستها.

وكأيِّ فتاة يافعة في سنها تحب اللعب مع صديقاتها في أوقات فراغها والخروج معهم إلى المراكز التجارية وأماكن الترفيه المتنوعة وكذلك مع إخوانها وأخواتها. تعيش حياتها الطبيعية في حب وسلام سعيدة مرحة متفائلة بالحياة كأي فتاة عادية في سنها مقبلة على الحياة، تمضي حياتها في هدوء ويسر وسلام .

إلى أن جاء ذاك اليوم عندما بدأت في الاستعداد للذهاب إلى المدرسة في يوم دراسي عادي وبعد ارتدائها لثوبها المدرسي ووضع حجابها على رأسها. وإذا بها تنظر إلى مرآتها لتتأكد من أناقتها الجميلة المحتشمة.

رأت أنَّ شيئا غريباً حصل لها فجأة، فقد اختفى حجابها تمامًا من على رأسها ولم يبقَ إلا مجرد غطاء يظهر جزءًا من شعرها، وهي متأكدة أنها ارتدت حجابها كعادتها فكيف تنسى ارتداءه وهو جزء من شخصيتها وكيانها ولا يُمكنها مغادرة بيتها بدونه، أعادت النظر ثانية في مرآتها الدائرية الصغيرة فربما لم تر جيدا ما رأته. فما حصل لها غير معقول ولا يصدق. أحد ما نزع عنها حجابها فجأة دون أن تشعر ووجدت نفسها بلا حجاب على الرغم من أنها واثقة أنها ارتدته ككل يوم للذهاب للمدرسة.

والآن لا يظهر في مرآتها العاكسة على الرغم من تكرار النظر،  فمن انتزع حجابها عنها وجعلها مسفرة بلا حجاب؟! وكيف تذهب إلى المدرسة الآن دون حجاب وهو جزء منها؟  ذهبت تخبر أمها بما حصل لها، فأعطتها أمها حجابا آخر، وإنما كلما نظرت في المرآة وجدت نفسها منزوعة الحجاب ولم ترَ إلا غطاء الرأس الذي يظهر شعرها. ثمة من انتزع حجابها ورسمها في مرآتها بغير حجاب، من جعلها غير محجبة رغمًا عنها دون استئذانها أو استشارة أهلها أو من يهمهم أمرها؟!

تأزمت حالتها النفسية من هذه الحادثة وامتنعت عن الذهاب إلى المدرسة، فتحت كتابها المدرسي الذي فيه صورتها المرسومة لتجد نفسها منزوعة الحجاب وساءت حالتها النفسية أكثر، وها هي الآن تشعر بالحزن والضيق والرغبة في الانعزالية والانغلاق على نفسها. ينتابها إحساس بأنها حاسرة الرأس بلا غطاء يُغطيها كما كانت، وهي لا تريد ذلك ولم تعتد عليه، ولا تعرف نفسها إلا وهي محجبة.

لأن أحدًا ما لا يلائمه لبس الحجاب، أو عدو له، أو لديه أفكار سلبية مُتوهمة عن لبس الحجاب، وسولت له نفسه أن يُلغي الحجاب من عليها.

قالت لوالدها أريد أن ألبس الحجاب ثانية ويُعاد رسمي كما كنت حتى أتمكن من الذهاب للمدرسة وإلا لن أغادر البيت. فكيف أذهب للمدرسة دون حجاب وهو دليل على ذاتي وطبيعتي.

ومع انتشار هذه الحادثة الغريبة في المجتمع للفتاة التي وجدت نفسها دون حجاب رغم تحجبها لأن أحد المسؤولين شاء أن يجعلها دون حجاب بقرار منه، فوصلت الحادثة إلى مجلس الشورى وتساءل البعض، كيف ينتزع حجاب فتاة دون إرادتها بقرار من مسؤول ما؟! وكيف يتم تغيير رسمة هذه الفتاة الرمزية من حجاب يُغطي شعر رأسها بالكامل إلى فتاة بغطاء يظهر شعرها ولا يستره دون إرادتها. وأجاز مجلس الشورى فورًا مناقشة موضوع هذه الفتاة وتقديم توصية إلى الحكومة بما يتوصل إليه الأغلبية من قرار في هذا الشأن.

وأخبرها والداها أنها لا يجب أن تقلق من عودتها إلى المدرسة قريباً محجبة كما كانت، فمجلس الشورى سيناقش الموضوع ويدفع لعودة الأمور إلى وضعها الصحيح كما كانت.

فقالت الفتاة إنهم سيناقشون موضوعي وليتهم يعلمون أني لست ضد الفتيات اللاتي لا يرتدين الحجاب فلديَّ صديقات طيبات، ومنهن المحجبات وغير المحجبات ومن يرغب بلبس الحجاب فذلك شأنه ومن لا يُريد ارتداء الحجاب فذلك شأنه أيضًا، وبلادنا لا تجبر بقوانينها على لبس الحجاب أو منعه، وإنما يأتي مسؤول ما وينزع عني الحجاب دون إرادتي بجرة قلم دون أن يكون الدين ولا للقانون في صفه، فعلى ماذا استند هذا المسؤول في قراره؟ ألم يراعي الآثار النفسية التي ستصيبني كمحجبة؟! ألم يراعي ردة فعل مجتمعنا المحافظ؟!

بلدنا علمنا حرية الاختيار، وأنا أختار أن أرتدي الحجاب ولا أمنع غيري عدم أرتدائه، وكل يتحمل إثمه في عدم إرتدائه إذا كان هناك ثمة إثم. "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، ولا أقبل لكائن من كان أن يُصادر حريتي طالما لا أخالف الأعراف والدين والقانون.

فاعيدوا لي حجابي.