حان الوقت للاستماع إلى المُفكّرين

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

على مدار العقود الماضية من السنين، اقرأ مسيرة الأمة بشكلها العام على أنها مقيدة تحت شعار "البركة"، تلك البركة التي دمجنا فيها التوفيق بالعمل، والإبداع بالأمل، ولم يصل عمق الفكر إلى أن أقول إنَّ التوجيه اقترب من ترك الحبل على الغارب، غير أنه في بعض المواقف ترك التوجيه إلى الأغلبية غير المنتقاة بفكر محدد وإلى هدف معين؛ بل إنه كان أقرب إلى تحقيق مصالح مُعينة على حساب الثوابت.

إنها مخاطرة ومجازفة كبيرة جداً تلامس أمن واستقرار الأمة، وفي بعض مراحله أيضًا وصل إلى درجة أنه كان مطية لتحقيق مصالح خارجية وفقًا لمخططات ورؤية هي أبعد بكثير من مصالح الأمة الفعلية ومسيرتها، وإذا تساءلنا عن الحاضر وعن أي أهداف نريد تحقيقها وهل حققناها، فإنَّ أفضل اجابة للتساؤل: هي هل هناك أهداف أصلاً؟!

المدارس والجامعات تخرج أجيالاً عدة، غير أنَّ واقع التطبيق على يوميات الحياة لا يوجد به أي تقدم يذكر؛ بل إنني أرى أن الماضي القريب وفي كثير من جوانب الحياة، أقرب إلى الأفضلية من عالم اليوم. والسؤال هنا: هل الحلول في طريقة التوجيه أم الأدوات أم العقول؟ في حين أنَّ كل مخلوق على وجه الأرض يؤمن بأنَّ منطقتنا تعد واحدة من أفضل مناطق العالم، في كل شيء. ولذلك أرى أن علينا أن نؤمن بالنخب المُنتقاة من المفكرين والذين وهبهم الله سبحانه وتعالى عقولاً ذات أبعاد تفكيرية أكبر وأوسع من غيرهم، بينما هناك عقول تولت مسؤوليات دون أن تحمل بدائل أو تقدم حلولًا، أو حتى فائدة للمصلحة العامة، ولذلك المرحلة الراهنة بحاجة إلى فكر بديل تماماً وعلينا جميعاً أن نقبل بذلك.

إنَّ البوصلة بحاجة إلى تعديل اتجاهاتها وذلك التعديل إلى جهة اليمين مثلاً بمقدار خمس درجات، وتلك الدرجات مبنية على حساب وفكر وبُعد قد لا تراه العامة، غير أن فيه بداية الطريق إلى  السلام المنشود والراحة المؤمل فيها من الجميع، حتى وإن كان بها الكثير من الجهد والعرق  في سبيل الحياة الكريمة. تلك الحياة التي لا يمكن أن تتحقق فصولها وأمانيها إلا بثوابت تحتاج إلى العقول الفذة الصادقة التي عليها أن توجه الجمع. وعلى كل من ينتمي إلى هذه البقعة من العالم أن يستمع إليها وأن يشارك في العمل لا في بث السموم وتخريب السلم وهدم ما يتم بناؤه في اعتقاد أن ذلك هو الحل لكل مصاعب الحياة في حين أن تلك الحلول هي أقرب تشبيهاً بما يناسبها وهو الصعود إلى الهاوية.

وأخيرًا.. الحياة المقبلة وعلى مستوى العالم بها جوانب ومخاطر ستجعل كل الإنسانية في اختبار غير اعتيادي، ولن ينجح فيه إلا من يستطيع أن يتعامل مع المرحلة وتسخير كل ما يملك من مقومات وحلول غير اعتيادية أو نمطية، ولا شك أنَّ انتظار الأحداث للتعامل معها أبدًا لن يُعطي أصحاب هذا الفكر السائد فرصًا أخرى أكثر مما أعطاهم.