الطريق في الخامسة صباحًا

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

سأتحدث في هذا المقال عن الطريق وعن المركبات وعن النَّاس سالكي الطريق خلال الخامسة صباحًا، وبما أنَّه خلال هذا الفصل من العام ونحن قد تجاوزنا منتصف شهر مارس يُصادف توقيت الخامسة صباحًا موعد أذان الفجر في بعض ولايات السلطنة، فهل خمنتم معي أعزائي القراء الكرام إلى ماذا سأتطرق في هذا المقال؟

في مقالي هذا لن أتحدث عن الطريق وحجم استيعابه أو الازدحام المروري وقت الذروة، كما أرجو عدم التسرّع والتخمين بأنني قد أتحدَّث عن الكتاب الرائع للكاتب الكندي روبن شارما "نادي الخامسة صباحًا"؛ بل سأتحدث عن مجموعة من أبناء عُمان الأوفياء ذكورًا وإناثاً الذين نهضوا باكرًا وتعلو هاماتهم شم الجبال، فهم في الخامسة صباحًا تجدهم يقودون مركباتهم قادمين من مختلف المحافظات متجهين نحو الجميلة عاصمتنا مسقط، حتى إنَّ الأنوار الخلفية للمركبات تشكل لوحة فنية رائعة الجمال ويُخيل للناظر أنَّ عقدًا من الزمرد الأحمر مُمتدًا على طول الطريق، فكم أنتم رائعين يا من نهضتم من نومكم وقت السحر واستعددتم وانطلقتم نحو أرزاقكم أو نحو قضاء حاجاتكم.

والرائع في الأمر عندما تجد المركبات تتوقف قبيل إقامة صلاة الفجر عند المساجد التي على الطرق الرئيسية حيث المسافرين يؤدون فريضة الفجر، ويقول الله تعالى ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ الإسراء آية (78). وهنا تذكر كتب التفسير أن قرآن الفجر يقصد به هو صلاة الفجر تحديدًا، واعلم عزيزي القارئ أنَّ فضل أداء صلاة الفجر في جماعة عظيم جدًا وورد في الحديث الشريف الذي رواه أبو داود والترمذي وحسّنه ابن ماجة وأحمد عن صخر بن وداعة الغامدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا"؛ حيث يدعو نبينا الكريم لأمته بالبركة وخص منهم من بكَّر في الطلب، فهنيئًا لكم أيها المسافرون يا من تحرصون على أداء صلاة الفجر مع الجماعة، وإضافة إلى الفضل والأجر الذي ستحصل عليه من ربنا تبارك وتعالى، فإنك عزيزي المسافر فجرًا ستتجنب الدخول في الازدحام وستقود مركبتك بكل أريحية ويسر ولن تتوتر بسبب أبواق المركبات أو تجاوز هذا وذاك أو أنوار تفاجئك من الخلف كالبرق يطلب صاحبها منك إفساح الطريق له للتجاوز.

هناك دراسة حديثة أعدها باحثون في جامعتي كولورادوا وهارفرد ومعهد برود للطب الحيوي ولقد أشارت هذه الدراسة إلى أنَّ الاستيقاظ بساعة أبكر من المُعتاد يُقلل خطر الإصابة بمرض الاكتئاب بنسبة 23% ويُعد الاكتئاب مرضا مزاجيا يُسبب الشعور الدائم بالحزن وفقدان الاهتمام بما يُؤثر على تفكير الشخص وسلوكه والذي بدوره من الممكن أن يؤدي إلى مجموعة من المشاكل العاطفية والجسدية، كما أشارت الدراسة إلى أنَّ الاستيقاظ باكرًا يمنح الشخص الهدوء والطمأنينة بشكل أكبر الأمر الذي ينعكس إيجابًا على صحتهم.

وبالإضافة إلى كل الإيجابيات التي تطرّقنا إليها، اعلم عزيزي المسافر إلى حيث جهة عملك صباحًا بأنك ستصل مُبكرًا وستركن مركبتك في الموقف المُميّز وبإمكانك استغلال الوقت المتاح قبل بدأ ساعات عملك في العبادة كأداء سُنة الضحى وقراءة آيات من كتاب الله أو قراءة قصة قصيرة أو صفحات من كتابك المفضل بالإضافة إلى أن الوصول باكرًا إلى مقر العمل يحسّن الحالة المزاجية لديك ويمنحك صفاء الذهن والذي بدورهِ يتيح لك المجال للتفكير والخروج بالكثير من الحلول التي قد تساعدك على إنجاز مهام عملك، كما أن وصولك باكرًا يمنحك الوقت للبدأ في العمل إذا كنت تعمل لدى جهة تطبّق نظام الدوام المرن الأمر الذي يمنحك ميزة الانصراف مبكرًا بعد إتمام ساعات عملك.

ونخلص إلى أنَّ الطريق في الخامسة صباحًا وأنت ذاهب لقضاءِ مصالحك يمنحك الوقت الكافي للوصول إلى الوجهة التي تريد والتبكير يمنحك الكثير من الفوائد والمميزات وكم ستكون محظوظًا عندما تحلُ عليك البركة لأنك تسير لأجل قضاء مصالحك أو مصالح الآخرين.. ودمتم بخير.