والفرص إذ تلألأت

 

إبراهيم بن سعيد الحسني

لطالما تصنع اللقاءات السامية مع الشعب إلهامًا يوثق الروابط ويُجدد العزائم ويولّد البشائر، ويُعزز جليًا من مكانة الرئاسة في قلوب المرؤوسين؛ خصوصًا ونحن وسط منظومة مُتقلبة من التحديات؛ تترقب بصيصًا من الآمال تجبر الأحوال.

الإطلالات السامية لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ولقائه بشيوخ وولاة وأعيان ورشداء محافظات سلطنة عُمان تبلور الشراكة بين القيادة والمجتمع المحلي، نحو ترسيخ التفاعل والتشاور لأهداف استراتيجية وتنموية بالمحافظات، فهذه اللقاءات مع محافظي وشيوخ محافظة مسقط ومحافظة مسندم ومحافظة جنوب الباطنة تعد سلسلة متواصلة من أجل تلمس أحوال المحافظات والتأكيد على المقدرات التي تكتسبها كل بقعة من هذا الوطن الخصيب بالثراء الإنساني والعطاء الرباني، مع أهمية استكشاف مكنونات وخفايا هذه الثروات من طاقات بشرية وموارد طبيعية لتشكلان معًا وقودًا متحدًا للانطلاقة بسلطنة عُمان نحو الأفضل.

وعند الحديث عن أولويات مطالب المواطن خلال هذه المرحلة، فإنَّ أبرزها: رفع المستوى المعيشي للجميع، وتوفير وظائف للباحثين عن عمل، والإحلال الوظيفي، والترقيات، وإعادة دعم قطاعات الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والاتصالات، وتسهيل الاستثمارات، وغيرها من المطالب التي بلا شك مهمة وملحة تستدعي وضع الإجراءات والخطط التنفيذية الملموسة. وفي الجانب الآخر فإنَّ النَّظرة المترسخة عند الأغلبية منَّا أن الدولة هي المسؤولة بصورة مباشرة عن توفير هذه المطالبات، ولا نقول إن النظرة خاطئة أو صحيحة بمقدار ما هو البعد الضمني لهذه الرغبات حتى تتحقق وكيف ومتى وإلى أي مدى؟

أستذكر قصة ذكرت لوظيفة تنافس عليها عدة أشخاص، وعندما حان دور أحد المترشحين أخذه رئيس اللجنة على شرفة النافذة المطلة من أعلى ثمانية أدوار وقال له ماذا ترى؟ فأجاب أرى الفرص منتشرة في كل مكان، فأقنعت إجابته لجنة التوظيف وتمَّ تعيينه على تلك الوظيفة؛ لأنه فكر خارج المعهود وقدمّ النظرة الإيجابية، ورأى أن كل شيء ممكن تحويله إلى فرص تعود بالنفع للفرد أو مجتمعه.

 وهكذا عند الإجابة على حلحلة هذه المطالبات والتحديات ينظر إلى الجانب الوارف من الفرص، والتفكير بعمق وبصيرة في محيطها، وحتماً بقناعات داخلية وعزيمة ذاتية سيولد النور وتتحقق الطموحات عاجلاً أم آجلاً.

فلنفترض أنَّ التحديات تشكل فقاعات متراصة على شكل حلقة دائرية مغلقة، تثار بين فينة وتخمد بين فترة أخرى، ووسط هذه الدائرة يتموضع مركز الانطلاقة المحوري الذي يتجسد في الفرد "الطاقة البشرية الكامنة" (الفكر، والعطاء)، القادر على قولبة تلك الإرهاصات "الأزمات" إلى استثمارات وكم من الفرص والحلول لتطغى على المطالبات والأزمات، ولذا من الأهمية تكوين الفرد تكوينًا واعدًا، وإحاطته بالتعليم الرصين، وتسليحه بالمعارف والعلوم والمناهج التخصصية لهو كفيل بإيجاد كفاءات عالية الأداء والإنجاز، وتحقق أهداف التنمية التي محورها هو الإنسان.

ونحن اليوم نعايش واقعًا محفوفًا بالمخاطر غير المُتوقعة، ينأى الفرد فيه عن الجرأة والانطلاقة والخوف من المجهول، لذا يتطلب من صناع القرار القرب من تلك الإبداعات والكفاءات وإعطاءها الثقة والمساحة؛ لكي تُحلق في سماء الإبداع، مع تسهيل الإجراءات المرهقة، وتفتيت البيروقراطية الهادمة أمام الشعل المتوقدة، وكلنا أمل بأنَّ مرحلة جديدة تلوح في الآفق وتضمن ديمومة الاستقرار النفسي والاجتماعي والمالي للأفراد، وتُحقق مزيدًا من الرضا والبشرى بين الأوساط المجتمعية.

تعليق عبر الفيس بوك