"وحيدًا بين مدينتين" والسفر الانفرادي

محمد البراشدي

@sinaw08

أجبرت جائحة كورونا الجميع على البقاء في المنازل وعدم الخروج، وأغلقت المطارات أبوابها أمام المسافرين، ومع كثرة التحذيرات بعدم السفر إلا للضرورة القصوى، بينما كان لمحبي السفر رأي آخر وهو حب المُغامرة والبحث عن أي ثغرة تساعدهم للطيران خارج أسوار الوطن.. الرحالة بدر  بن ناصر الوهيبي عزم في نفسه على السفر، لكن أراد لهذا السفر أن يكون له طعم خاص؛ حيث إنه قرر السفر وحيدًا في تجربة يخوضها لأول مرة.

بداية الخطة كان السفر إلى فرنسا وبلجيكا وهولندا، ولكن هذه الخطة لم يكتب لها النجاح بسبب إغلاق مطار مسقط أمام الرحلات الدولية ولهذا قرر الرحال تغيير وجهة السفر إلى تركيا. وبعد أن استشار صديق له لرحلته القادمة، قرر الرحال السفر إلى تركيا ولكن هذه المرة إلى مدينة إزمير. تأهب بدر وبدأ العد التنازلي للسفر إلى تركيا ولكن وقع ما لم يكن في الحسبان، بدأت تركيا في فرض بعض الإجراءات المشددة للتخفيف من آثار انتشار فيروس كورونا. بدأ بدر يعيد الخطط من جديد يا ترى إلى أين الوجهة هذه المرة؟

غلاف.jpg

كانت الظروف مواتية للرحال وكانت أبواب المدينة مفتوحة على مصراعيها لاستقبال بدر للمرة الثامنة وكانت عبر البوسنة. حجز بدر الوهيبي تذكرة السفر وذلك عبر النزول في مطار صبيحة بإسطنبول وبعدها يكمل رحلته إلى سراييفو عاصمة البوسنة؛ ولكن عودته ستكون عبر مطار إسطنبول إلى عمان مباشرة.

منذ وصول الرحال العماني بدر مسافرا وحيدا بين أحياء البوسنة وإسطنبول، كان يستخدم فقط المواصلات العامة المتوفرة، وأيضًا التنقل بالمشي بين الأحياء السكنية لعيش تجربة فريدة من نوعها.

 أثناء رحلته الجبارة أراد تجربة نوع مختلف للإقامة، وهي الإقامة في بيوت الشباب أو ما يعرف بـ "الهوستيل" وهذا المصطلح شرحه الكاتب عبر السطور في الكتاب.

وبين التمعن والاستمتاع والتنزه والجلوس مع النفس واختلاف الثقافات ودروس التاريخ استغل الوهيبي رحلته وحيدا لاكتشاف كل ذلك وأكثر. مرَّ الوقت سريعا وحان ربط الأحزمة للعودة مجدداً إلى أرض السلطنة.

الفصل الأخير من الكتاب يجيب الكاتب على أهم سؤال وهو ماذا يعني أن تسافر وحيدا؟ وأترك لك أيها القارئ لاكتشاف ذلك عبر سطور كتاب وحيدا بين مدينتين.

من الوهلة الأولى منذ إعلان الحجز المسبق للكتاب حجزت نسخة من الكتاب وذلك لمعرفتي السابقة بأسلوب الكاتب الشيق في أدب الرحلات، وحبه للسفر واكتشاف العالم من زاوية مختلفة.

كتاب وحيدا بين مدينتين جاء مختلفا كليا عن كتبه السابقة (تذاكر سفر واربطوا الأحزمة) لما تضمنه هذا الإصدار من إضافات جديدة كرمز المسح الإلكتروني والتي تحمل في طياتها بعض المعالم التي التقطها الكاتب أثناء رحلته. وميزة هذه التقنية أنها تجعل القارئ متفاعلا مع الوسائط المدرجة من مقاطع مرئية أم صور فوتوغرافية، ويبدو أن الوهيبي يحاول إدخال نمط جديد لمؤلفات أدب الرحلات دون كلفة إضافية على القارئ في سعر الكتاب. رغم اعتماد بدر الوهيبي هذه التقنية في كتابه الجديد؛ إلا أن واحدًا من تلك الرموز تم إدراجه بالخطأ.

جاء الكتاب ليبين لنا أهمية وفوائد أن تسافر وحيدا ولخوض تجارب جديدة تعلمك دروسا مجانية في الحياة. للمرة الأولى عندما تنظر إلى العنوان وتقرأه بتمعن تظن أن الكاتب كان وحيدا منفردا بكل ما تحمله الكلمة أثناء السفر؛ ولكن لاحقا اكتشفت أن الكاتب كان في بعض الأوقات يلتقي أشخاصا لهم علاقة قوية مع بدر، وكذلك كان يستعين ببعض الأشخاص للذهاب معهم في جولة في بعض الوجهات. ولكن في الجهة المقابلة استطاع الكاتب بالفعل أن يخرج من بيته وحيدا من دون الأهل والأصدقاء وعاد وحيدا يتسلح بحب المغامرة والدروس من هذه التجربة.

تعليق عبر الفيس بوك