المشهور لم يرحل

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

العظماء لا يرحلون والمحبون للوطن لا يموتون، تبقى آثارهم ومآثرهم ومناقبهم وأخلاقهم وكرمهم وجودهم وإخلاصهم ووقفتهم الصادقة مع الوطن والمُواطن شهادة لهم، تغيب وجوههم عن المشهد الواقعي فقط وإنما أرواحهم وأعمالهم تظل خالدة، والوفاء يظل صامدًا لمثل هؤلاء حيث يذكرهم الناس في مجالسهم ويثنون عليهم في حديثهم.

لقد أثر فيَّ شخصيًا رحيل سعادة عبدالله بن حسين المشهور باعمر، رغم أني لم التقِ به ولم يجمعنا حتى اتصال هاتفي ولا معرفة، ولكن الرجال أفعالهم تسبقهم في كل ميدان، والخيرون مناقبهم عنوان لهم في كل محفل. والمشهور مشهور بما يتناقله عنه من يعرفه بكرمه وجوده وإقدامه وحبه لوطنه والذود عن مقدساته والوقوف عند ما يُعانيه المواطن، لقد تابعته في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي فكان نعم الموجه ونعم الرجل الغيور على وطنه ونعم الرجل الذي يعلي من شأن المواطن وينادي بحياة هانئة وسعيدة له بالحجة والبرهان والدليل، ومن خلال حديثه يتضح مدى علمه وثقافته وفهمه وتحليله للواقع بدقة مُتناهية، وكان حديثه ينتشر بين النَّاس انتشارا سريعا لما له من وقع في قلوبهم، وإنني أعتقد أن الكثيرين سيظلون يحتفظون بلقاءاته الإعلامية وسيظهرونها بين الفينة والأخرى.

المشهور لم يرحل ولن يرحل من ذاكرتنا نحن أبناء عمان؛ فقد كان المخلص في المطالبة بحقوقنا وبأسلوب أخلاقي وعلمي ومنطقي، لم نسمعه في أي حديث يتهجم على أحد أو يتحدث بكلام مرسل دون دراية ومعرفة وعلم بل كان سديد الرأي وحصيف البيان ذا أسلوب جميل وجذاب وراقٍ، لم يكن يمثل في حديثه فئة معينة أو منطقة محددة أو شأنا مخصصا بل كان أغلب حديثه عن الوطن والمواطن والحب لهما فكان قريباً من المسؤولين وقريباً من المواطنين في تناغم قلَّ نظيره فكان محترماً من الجميع وله حضور ومكانة في كل المواقف.

المشهور لم يرحل ولن يرحل؛ فهو أحد الفرسان الأبطال الذين قدموا لهذا الوطن العزيز الشيء الكثير وسيظل مثالا يحتذى به عند الأجيال في الإخلاص والوفاء والكرم والحق والعدل والحب لعُمان ولسلطانها وشعبها، قال عنه أحد الذين عرفوه عن قرب (عرفته عن قرب وجلست معه على انفراد لم أجد فيه إلا بياض القلب ونية الصالحين يحب وطنه وسلطانه ويحب الناس وينتصر للضعيف ولا يداهن ولا يجاري الضعيف في الحق، رحم الله قلباً طاهراً صادقاً شجاعاً). وقال عنه آخر (رحل صوت ظفار.. رحل رجل الخير والكلمة الطيبة.. رحل البشوش الذي لا يسمعك إلا ما تطيب به الأنفس..رجلٌ خلف سيرةً عطرة؛ ذكره باقٍ ما بقيت أفعال الخيرين ومواقفهم النبيلة..رحم الله أبا هاشم وأسكنه فسيح جناته).

قال النَّاس كلمتهم فيه ونحن شهود على ذلك، أحبه النَّاس في كل عُمان وتألموا على فقده السريع حيث تفاجأت شخصيا مثلي مثل الكثيرين لمرضه الذي لم يدم طويلاً فقد تابعت عددا من الإخوة الذين يطلبون منِّا الدعاء له وخلال أيام بسيطة فارقنا دون أن يقول لنا وداعاً ولكن هذه هي سنة الحياة ونؤمن بقضاء الله وقدره ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إنِّا لله وإنِّا إليه راجعون).

خالص تعازينا لأسرة فقيد الوطن عبدالله بن حسين المشهور باعمر ولكل محب له..

ودمتم ودامت عمان بخير.