ترك الأولويات والتركيز على الجزئيات

 

سالم كشوب

sbkashooop@gmail.com

عندما يترك المسؤول في أي جهة المهام المهمة لعمله والمسؤوليات التي من المفترض أن يهتم بها ويركز في جزئيات لا تُسمن ولا تُغني من جوع وإنما أحيانا تؤدي إلى وجود شرخ في المؤسسة التي يعمل بها فهذا يدل على إفلاسه الوظيفي فبدلا من التركيز والاهتمام بما يؤدي إلى التطوير والإجادة في المؤسسة يكون شغله الشاغل صناعة "لوبيات" والاستماع إلى كلام الذين يكون شغلهم الشاغل خلق المزيد من الاحتقان وروح الإحباط في بيئة العمل الداخلية، نظرا لوجود مسؤول ضعيف الشخصية أو مزاجي أو نرجسي يهتم بالمدح الشخصي على حساب العمل والمحصلة مزيد من التعثرات والإخفاقات لتلك الجهة أو المؤسسة وتكرار الوعود البراقة الكاذبة.

مع كل ذلك مع مرور الوقت يتزايد انعدام الثقة في تلك الجهة وفقدان المصداقية بين المسؤول والموظفين مما ينعكس سلباً على الأداء ويكون روتين العمل مملاً بسبب ممارسات تتكرر تظهر فشل المسؤول وتحكم فئة من المتملقين وأصحاب المصالح الشخصية فيه وجعله واجهة لتصفية بعض الحسابات الشخصية على حساب مصلحة العمل وبالتالي تراجع كبير في الأداء ومزيد من التراخي وعدم الاهتمام بأداء مهام العمل الروتينية بأقل قدر ممكن.

هنا لابُد من وجود مؤشرات أداء وتقييم ليس فقط للموظفين وإنما للمسؤولين وتقييم الموظفين لهم فكلما انخفض معدل الإنتاجية والابتكار والدافعية في العمل، وهذا يدل على وجود خلل يتعين اقتلاعه في الوقت المناسب، قبل أن يتغلغل في مفاصل المؤسسة أو أي جهة ومع مرور الوقت من الصعوبة بمكان إيجاد الحل والعلاج المناسب له وهنا يظهر تساؤل مهم هل فعلا مع هذا الترهل والتراجع المخيف في الأداء وروح العمل المحبطة يكمن الخلل في الموظف أو وجود مسؤول غير قيادي أو غير جدير بتحمل المسؤولية الملقاة عليه هو السبب؟

للأسف.. أحياناً يكون بعض المسؤولين شخصياتهم القيادية ضعيفة جدًا ويكون من السهل على بعض المتسلقين والمطبلين السيطرة عليهم والتحكم بهم كأدوات لبث عدم الدافعية في العمل والكيل بمكيالين من يكون مع شلة ذلك المسؤول حتى لو كانت إنتاجيته الوظيفية ضعيفة له الحظوة والمكافآت والتقدير ومن يكون بعيدا عن تلك الشلة ويركز على أداء عمله لا ينال التقدير وإنما ينال نصيبه من التهميش وعدم التقدير لأنه لم يُطبل أو يُنافق وبالتالي لابد من محاسبته على هذه الجريمة التي في مخيلتهم وتفكيرهم السطحي يستحقها بكل جدارة والمحصلة في النهاية هجرة الكفاءات من تلك المؤسسة أو اكتفائها بأداء مهام عملها بأقل دافعية وجهد ممكن لانعدام الشفافية والعدالة الوظيفية.

الأخطر من هذا عندما يعتمد المسؤول في التقييم واتخاذ بعض القرارات المهمة على التغذية الراجعة من طرف مُعين قد يكون متعمدا توصيل معلومة أو إفادة غير حقيقية دون التأكد من مدى مصداقية المعلومة التي وصلت إليه وبالتالي يتم هضم حقوق موظفين بسبب إفادة غير صحيحة ومع مرور الوقت ووجود بعض المواقف تظهر أنه ارتكب خطأ فادحاً قد يكون الوقت قد فاته في تصحيح بعض القرارات المجحفة.

وبالتالي من الأهمية بمكان إيجاد معايير بعيدة كل البعد عن التقييم والمزاج الشخصي للمسؤول ويتم توضيحها قبل اتخاذ بعض القرارات المصيرية في أي مؤسسة أو جهة وظيفية والأدهي من هذا وذاك إصرار بعض المسؤولين على صحة قراراتهم المتخذة وفق المزاج الشخصي على حساب المعايير لإرضاء فلان أو علان وإظهار أن قراره صحيح وسليم متناسيا أن الظلم لا يدوم والجميع حتى المتملقين له يعلمون أن تلك القرارات اتخذت وفق أهواء شخصية بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع وبالتالي فقدان الثقة به لدى البيئة الداخلية ومزيد من الروح السلبية والإحباط لفقدان معايير الشفافية والنزاهة التي مهما حاول المسؤول إعطاء مزيد من الوعود والتأكيد على قيم النزاهة والشفافية فلن يصدقه أحد لأنه لم يطبقها بشكل ملموس ولم تظهر في بعض القرارات والتصرفات التي تظهر عكس ما يطالب وينادي به.

ختامًا.. إنَّ أي مسؤول يفقد ثقة موظفيه عندما يظهر بمظهر المسؤول العاجز الذي يتم التحكم به ولا يكون مثالا حيا وإيجابيا للموظفين ويفتقد للحجة والبرهان عند أي نقاش ويتعمد التهرب من المواجهة ويكثر من الوعود والتصريحات التي لا يتم تنفيذها فالموظف لا يبحث إلا عن مسؤول عادل لديه الشفافية ويتمتع بالوضوح ويكون الجميع لديه بنفس المستوى في التعامل ويشعرهم أنه مسؤول عنهم ويدافع عن حقوقهم وفق معايير واضحة لا تتحكم بها الأهواء والمزاج الشخصي.