خربشات صباحية

 

 

صالح بن خليفة القرني

 

حينما تجد من يمتنع عن وجبة يشتهيها ويمضي سحابة يومه في صيام مُتقطع وأكل قليل فهو بالتأكيد يطمح إلى وزن مثالي، وحينما تجد من يذرع الطرقات مشياً وركضاً لحرق السعرات الحرارية فهو بلا أدنى شك يطمح لجسم صحي، ومثلهم من يسهر الليالي الطوال حفظاً واستذكاراً وفهماً فالدرجات العالية مقصده، ولكن ما الذي ينشده من يُعيد إرسال الأخبار السيئة والشائعات والإعلانات المضللة؟ وأي فائدة يجنيها من ينتف زهرة وقته في "الواتساب" يصدر أحكاماً نهائية لا تقبل النقض في قضايا الرأي العام فمُقارنات غير عادلة وأحكام عاطفية حول قضايا لا يفقه فيها شيئاً وعن أفراد لا يعرفهم أدنى معرفة، وحينما تسأله يتشدق بأنَّه يغار على بلده ويرغب أن تكون كغيرها وهو بمُناقشاته تلك يُريد أن يبنيها ويطورها ويرتقي بها.

أرى وهذه وجهة نظري الشخصية لا أُلزم بها أحداً أنَّ التفات الواحد منِّا لترميم بلده وإصلاح ما يمكن إصلاحه هي أولى خطوات البناء الحقيقية وتبدأ فعلياً عندما يبدأ بنفسه فيقف على مخاطره الشخصية المتمثلة غالباً في الهدر من وقت ومال وصحة -والتي ينهكها الشحن النفسي لقضايا لا تملك التغيير فيها- ويخطط كيف يقلل من الهدر وعلى فرصه الشخصية والمتمثلة كذلك في وقت فائض أو مهارات غير مستثمرة أو جوانب استثمارية ولا يشترط مادية ففرص للتطوع وفرص للتعارف وفرص للمشاركة في خدمة المجتمع ولو بشيء يسير وفرص لا حصر لها من رفع  المعنويات ويستثمرها.

الجدية في إصلاح الشأن العام، تبدأ عندما يبدأ الواحد منِّا في إصلاح نفسه وترميم ذاته في جميع الجوانب "فعندما كان العرب يفكرون في تنظيف القدس من اليهود كان أردوغان يفكر في تنظيف القمامة من إسطنبول" فالواقعية مطلب ملح وأما التنظير بالمفروض والمفترض فهذا من عجز الثقة فهذا المفروض من فرضه؟ وهذا المفترض من وضعه؟!

أنا كغيري من الناس لدي امتعاض من تصريح المسؤولين واستفزازهم للناس ولدي تحفظ كبير على القرارات الحكومية الأخيرة والتي تمس معيشة المواطن بشكل مباشر والتي أثقلت كاهله؛ سواء كان من أصحاب الدخل المحدود وحتى الممدود، وقلقي كبير في الواقع من الآثار المترتبة على الاقتصاد على الأمد الطويل.

وفي الأخير.. أقول إن دائرة الاهتمام لي شخصياً ترتكز على كيفية اسثمار فرصي وتعزيزها وكيفية القضاء على مخاطري أو التقليل منها وأما قضايا الرأي العام فلا تشغلني كثيرًا؛ لأنني أدرك تمامًا أنَّ ثرثرتي في مجموعات الواتساب لن تحل مشكلة الباحثين عن عمل ولا مشكلة ارتفاع فاتورة الكهرباء ولن تعيد تعرفة البنزين القديمة ولن تلغي ضريبة القيمة المضافة، ومتى ما أردت أن أدخل القضايا العامة في دائرة الاهتمام الخاصة بي، فسأذهب بها لمحاولة التأثير، من خلال تغريدة في تويتر أو مشاركة في برنامج تطوعي أو نشر معلومة تفيد غيري أو المسارعة في نجدة ملهوف بالإمكانيات التي أستطيع. أما إطلاق الأحكام العاطفية حول قضايا لها مختصون أدرى مني وسيحاسبون عليها ويُساءلون، أشد وأخطر، فليست ديدني ولا أطيق.

تعليق عبر الفيس بوك