في رثاء العلّامة صالح العجيري

 

عواطف أحمد عبداللطيف الحوطي **

 

رحل العالم الجليل الدكتور صالح مُحمد العجيري الذي وافته المنية يوم الخميس الموافق 9 رجب 1443هـ الموافق 10 فبراير 2022، ذلك العالم المصباح المُتواضع، المُحيط المُطّلع إلى أبعد مما نرى ونعرف. يا من أحيا الله قلبه بالحكمة المعرفية فحسُن أدبه وجلَّ لفظه ونفذ بنور ريادي ّ لِدراسة علم الفلك من جوف الفضاء.

-تعلّم وعلّم الناس فالْتحف بِوقار المعرفة الكونيّة لعلم الفلك.

ذلك العلم المعقّد الراصد لسلوك الكواكب والأقمار، النجوم والمجرّات بما فيها من مذنّبات وسُدُمْ تسير بركائز علم الحساب والفيزياء والكيمياء. تلك المجرات التي تسير بمدارات متقنة الدقّة متناهية التفاصيل مما زاد إيمانه الربّاني يقيناً.

لقد أنجز في حياته ما لم تنجزه أممٌ من العلماء لوضع "تقويم" روزنامة العجيري. معتمدًا على عاموديّ التقويم البشري منذ القدم (الشمسيّ والقمري).

أمّا عالم (الأهلّة) القمرية فهذا والله تخصصّه الذي امتطى به صهوة الفلك ليشمل اطّلاعه على الفضاء تحت قبة علم الفلك.

درس علم المجرات بأنواعه، النظريّ، البصري والمَجَرِّي فنفذ لفهم التقويم التكويني ّ والتحصيليّ برُكنيْهِ الأساسيين في هذا العلم (الشمس والقمر).

طاف د. صالح العجيري بين مراصد النجوم وتلسكوبات الأرصاد حول قارات العالم. حتى استشرف به السويسريّون في عام ١٩٨٦م، لاسْتقباله في أعرق مراصد الفلك على أعلى قمة من جبال الألب، ليحظى بتكريم شرفيّ وشهادة تقديرية مُوثّقة، ما نالها كبار العلماء في العصر الحديث.

كما تنوعت جولاته بين الهند والصين وكندا وأستراليا وأمريكا اللاتينية. كما جمع تاريخ الفلك فربط خيوطه بالتقاويم العالمية حيث درس كل تقاويم العالم القديم والحديث بأكملها، القديمة تاريخيّا والفعلية المعمول بها، وما أكثرها.

قارن بملاحظاته في مرصده في الكويت بين ظواهر كونية لا تقل ّ شأناً رصدتها أدقّ مراصد العالم تعقيدًا. ولن أذكر هنا إنجازاته الدراسية والبحثية ومحاضراته المحلية والدولية، فقد أغفل كثير من الناس معرفته للغات بعد العربية والإنجليزية، اللغة الهندية والفارسية واللاتينية، وقد قام بذلك بجهد شخصي، لفكّ رموز الدراسات القديمة للتحرّي بمعلوماته تطابقاً مع معاجم هذه اللغات.

أيّها النجم المحيط في فضاء علم الفلك، لا عدِمناك وأنت بين يديّ الله. إنّ مثلك كعالمٍ في الأرض كمثل النّجوم في السماء يُهتدى بها في ظلمات البر ّ والبحر، فإذا انطمست النجوم، أوشك أن تضلّ الهُداة من المفكرين والعلماء..

اللهم ثبِت علينا الخير في الأرض بعد فقدِه الكبير الكبير.

باقٍ أثرُك وعلمك، عالمنا الجليل د. صالح محمد العجيري، ما بقِيَ الدّهر إن شاء الله. وسيبقى ذلك الأثر كالنّور ناصعاً في القلب، ما توقّفت القلوب.

وعزاؤنا "روزنامة العجيري" التي نتصفّحها ونهتدي بمواقيت أهلّتها المباركة. وحسبي وأهلي عزاءً أنَّك قطرةٌ من صلة أرحامي ارتبطت بِوشج قرابة بين والدتك رحمها الله وأجدادنا لناحية أبي.

إنّا لله وَإنّا إليه راجعون.

أديبة كويتية

 

 

تعليق عبر الفيس بوك