لا ترفع الراية البيضاء

 

عصام المغيزوي

نعيش في عالم من المتناقضات المتباينة، فشمس النجاح لا تُشرق إلا بعد ليل الفشل، وربيع  السعادة لا يأتي إلا بعد هجير الصيف.

في طريقك لتحقيق أهدافك تأكد أن التعثر بحجارة التحديات والصعوبات سيكون جزءًا من رحلتك، وأن سحب أحلامك لن تمطر سعادة إن لم تتعرض أرضك للهيب أشعة الشمس. سيكون الفشل هو أول خطوات نجاحك، وسيصبح دليلك المخلص لطريق نجاحك، وستصنع دموعك المهدرة على أرضك جنَّة عظيمة.

معرفتك أن الفشل هو سطر في قصة نجاحك يجب أن يصنع منك شخصًا متحديًا لكل العوائق المحتملة لطريق نجاحك، ولا ينبغي أن يصنع منك شخصًا خائفًا من الفشل. تذكر أن الخوف من الفشل، والركون إلى الكسل دون خوض معركة النجاح سيصنع منك شخصًا فاشلاً، وأن خسارة بعض المعارك في سبيل تحقيق أمانيك لا تعني بالضرورة خسارة حرب أحلامك. ولذا لا  ترفع الراية البيضاء عند خسارتك؛ بل اجعل علم تحديك شامخًا ومرفوعًا في وجه كل من أراد السقوط لقلعة أحلامك. لا تستسلم عند هزيمتك وتذكر أنه في نهاية ذلك النفق المظلم نور، وأن السقوط لا يعني الفشل، فسقوط المطر قد يبعث من تلك الأرض القاحلة جنة.

عند سؤال توماس أديسون عن سبب إصراره على اختراع المصباح الكهربائي رغم فشله لمئات المرات كانت إجابته: إن تلك المحاولات لم تكن فشلًا؛ بل كانت له دليلًا لكيفية صناعة المصباح الكهربائي. يقول أديسون: "أنا لم أفشل، أنا ببساطة وجدت 10000 حل لا يعمل". لم يخف أديسون من سخرية المجتمع من فشله المتكرر، ولم يفكر يومًا في رفع الراية البيضاء؛ بل كان تواقًا لإنجاز هدفه فاحتفى العالم بمحاولته الناجحة، وتناسى محاولاته الفاشلة. لو فكر أديسون في التخلي عن حلمه لما نعمنا بنعمة المصباح الكهربائي إلى يومنا هذا.

أنت كذلك بإصرارك، وتحديك، وفشلك المستمر، ويقينك بالوصول في نهاية المطاف قد تغير تاريخًا وقد تصل لمكانة لم تكن تحلم بها. لا ترمي حجارة فشلك المتناثرة خجلاً وهربًا من نظرة المجتمع، بل اصنع منها قصرًا مهيبًا يسر الناظرين، ولا تمحو سطور الفشل من على قصتك، فأجمل القصص هي تلك القصص التي تبدأ بمُعاناة، وتنتهي بإنجاز فتنسى معاناة أصحابها وتذكر إنجازاتهم. ففي سبيل إيصال رسالتهم السماوية، تعرض الأنبياء والمرسلون لكل أنواع الاضطهاد والتعذيب، وما أن وصلت رسالتهم حتى أصبحت آلامهم منارات للتعلم، وذكرت نجاحاتهم كمشعل للعطاء على مر السنين.

حين كنت طفلاً كان المشي دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين هو أحد أكبر أحلامك، وكان الآخرون يشجعونك على تحقيق هدفك في كل سقوط، وكنت تعلم أنك ستتمكن من الاعتماد على نفسك في يوم من الأيام، وستستطيع السير دون الحاجة إلى الآخرين. الأمر لا يختلف كثيرًا اليوم، فأنت تحاول المضي لتحقيق هدفك، ولابد لك من التعثر في بعض الخطوات، ولكن لابد  من محاولة النهوض مرة أخرى، لقد أمتلكت في طفولتك رغبة وإرادة كبيرتين، استطعت من خلالهما تحقيق أول أهداف طفولتك.

لا ترمي سلاح الإرادة والرغبة، فالتقدم الذي ستحققه في محاولاتك القادمة سيعتمد على قوة إرادتك ورغبتك، فكلما كانت رغبتك في إنجاز أهدافك قوية، كلما كانت فرصتك في تحقيق هدفك أكبر، وكلما كانت الأسباب التي تدفعك لتحقيق أهدافك سطحية وغير واقعية، كلما كانت فرصة استسلامك أكبر. فمهما كانت أخطاؤك كبيرة فبالرغبة الحقيقية على تجاوزها فستستطيع على تجاوزها. ابتعد عن الكسل وتأكد أنَّ الاعتماد على الآخرين لن يجلب لك السعادة.

كن قويًا، فطموحك يستحق منك بذل المزيد من الجهد، والتضحية لوصوله. إن صدى صوت الاستسلام الذي يُؤرق مسامعك لهو دليل على قربك من نيل غايتك، يقول توماس أديسون: "الكثير ممن فشلوا لم يُدركوا مدى قربهم من النجاح عندما استسلموا".

والمتأمل لسير الأشخاص الناجحين، سيدرك أنَّ الاستسلام لم يكن يومًا كلمة في قاموسهم، بل إن صنم الاستسلام قد تحطم عند أول خطواتهم، لقد امتلكوا سلاحين تمكنوا من خلالهما من عبور غياهيب الاستسلام وهما: الثقة بالنفس، وتحديد طريق أهدافهم بدقة. فثقتك بنفسك ستصنع منك شخصًا مستعداً لمواجهة كل الصعاب، وستذلل أمامك كل العقبات.

 احرص على تعزيز ثقتك بنفسك من خلال قراءة الكتب التحفيزية، وقراءة سير الناجحين، واستخلاص العبر منها. إن عملية تحديد الأهداف عملية معقدة؛ فهي تختلف من شخص إلى آخر فهي تعتمد على المعرفة والقدرة والموهبة الموجودة لديك. إن اختيارك لأهدافك بطريقة تناسب موهبتك ومعرفتك وميولك، سيُساعدك على المضي قدمًا في سبيل تحقيق أهدافك دون كلل أو ملل أو رغبة في الاستسلام، فالطبيب والمعلم والمهندس كلهم أشخاص حققوا النجاح رغم اختلاف مسار طموحاتهم. تحلى بمهارات الحياة الإيجابية وذلك عن طريق اختيار الأشخاص الإيجابيين في علاقاتك لأنَّ مصاحبة الأشخاص الإيجابيين ستحسن من مستوك الفكري وستنقي ذاتك من شوائب الأفكار السلبية.

إن الهزائم والرغبة في الاستسلام ستراودك لا محالة، عندها فالتخلص من الأفكار السلبية، وإعادة تحقيق أهدافك بطرق أخرى، والاستمرار في المحاولة بأقصى ما تملكه من طاقة هو كل ما ستحتاجه، لا ترفع الراية البيضاء في فشلك، فقد يكون نجاحك قريبًا منك، لا ترفع راية الاستسلام، فقد ترفع رايات الانتصار قريبًا؛ فالفشل لا يكمن في الإخفاق في تحقيق النجاح، لكنه يكمن في الاستسلام والتوقف عن المُحاولة.

وختامًا.. لا تلوِّح بالراية البيضاء مهما تاهت أحلامك، وتذكر أنَّ الوصول إليها سيُنسيك مشقة البحث عنها.

تعليق عبر الفيس بوك