الصحافة وأخلاقها

 

ميثاء بنت ناصر الجابرية

ظهرت الشِرعات والمواثيق الأخلاقيّة في مطلع القرن العشرين، وتتطور لتتناسب مع تطور المهنة والتحوّل الاجتماعيّ، وقد اهتم الناس بموضوع الأخلاق الإعلاميّة خلال الفترة بين الحربين العالميتين، وكانوا يُخططون لتنظيم المهنة وتدريسها.

وهذه الشِرعات تفرض السلوكيات المثاليّة على الصحفيّ وعلاقته بزملائه، وبمصدر الأخبار، وبرب العمل، والجمهور. ولم تتناقض هذه الشرعات في الدول في الأهداف والمبادئ. ويقوم تطور الأخلاق الإعلاميّة كذلك على شرعة عالمية مثل "إعلان ميونيخ" الذي لم يحدد واجبات الصحفيّ فقط، وإنّما حدد حقوق الصحفيّ للقيام بدوره على أكمل وجه، كما حدّد واجبات هذا الصحفيّ. والمسؤولية الأولى للصحفي هي للجمهور حيال رب العمل أو السلطات الرسميّة.

مبادئ الأخلاق الإعلاميّة التي تتركز هي ومواثيق الشرف على ضمان الأخبار الصحيحة، من خلال الحفاظ على نوعية الأخبار النزيهة والكاملة للجمهور، وتأمينها من التلاعب والانحرافات. كما تتركز على ضمان صحفيين نزيهين من خلال حمايتهم من ضغوط المهنة. وبرأيه وضع وظائف للشرعات الأخلاقيّة كالمحافظة على مصداقيّة المهنة، والمحافظة على صورة إيجابية عن المهنة. يوجد الكثير من دراسات الباحثين حول المواثيق الإعلامية التي نُشرت في دول العالم وذلك ليوضّحوا المشترك والمتمايز، وتوضّح الدراسة الفرق الكبير بين الشرعات في الحجم والمضمون. ودراسة موثّقة لليونسكو وضّحت نصوص المواثيق الإعلامية. والأهداف المشتركة تكون في حماية من تتوجه الأخبار إليهم، وحماية مهنة الإعلام، والمحافظة على قنوات الإعلام.

أمّا القيم البارزة في الشرعات الأوربيّة هي حرّية التعبير والنقد والدفاع عن الحقوق، والمحافظة على استقلال الصحافي والنزاهة المهنية برفض الإغراءات الماديّة والمعنويّة، وحماية استقلال الصحافي ونزاهته.

خصوصيّة بعض الشِرعات

ثمَّة اختلاف في التقاليد والنظام السياسيّ، والتنوع الثقافيّ، والاجتماعيّ، والدينيّ. ومفهوم الثقافة يرتبط بالديموقراطية والسلطة والشمولية فيختلف كما تختلف الممارسة الصحافيّة. في النظام الشموليّ يندرج عمل الصحفيّ تحت الإطار الإيديولوجي، ونظرًا لأن التقاليد تختلف في المجتمعات فإن السلوكيّات كذلك تختلف كتناول الحياة الخاصة في وسائل الإعلام.

وهناك الكثير من الاختلافات بين الشرعات، لكن المبادئ الأساسية تبقى نفسها. وفي منتصف القرن العشرين ظهر معسكران شرقي وغربي في العالم ومنظمتان عالميتان للصحفيين. وغياب الصحافة الحرة النقدية تسببت في إهمال ضحايا الأنشطة الاشتراكية، والثروة الثقافيّة والفكريّة.

خصوصيّة أخلاق الصورة

هناك فوارق بين الإعلام المكتوب والإعلام المرئي وتعتمد على عدة أمور منها خصوصيّة التعامل مع الصورة، فصحافة التلفزيون تختلف قواعدها عن الصحافة المكتوبة كقواعد التلفزيون الفرنسيّة وشرعة محطة الجزيرة التي لا تهتم بخصوصيّة الصورة. والصور الجامدة والمتحركة تهتم بالقيم الإنسانيّة. وتسونامي شكّل قضيّة مهمة في ذلك الوقت؛ حيث عملوا على عدة نقاشات لمناقشة صور الكارثة التي يمكنهم نشرها. والصحافي قبل نشر الصورة لا بُد أن يسأل نفسه عن مردود الصورة على المشاهدين. والسؤال الدائم الطرح هو عن مدى إمكانيّة نشر صور الانفجارات والدمار والدم والقصف من زاويتين إنسانية أخلاقية، ومن زاوية وطنية دعائية.

والآراء متنوعة عند الإجابة عن هذا السؤال، ولكن المردود الماديّ كان السبب الأكبر لذلك. ونشر الصور يخضع لقوانين؛ لأنها من وسائل النشر فمثلًا صحيفة لوموند سألت وزارة العدل عن إمكانيّة نشر بعض من مشاهد العنف. والقانون الفرنسي ينهى عن نشر صور الجرائم وأعمال العنف. وهناك مجموعة من الأسئلة التي يمكن أن تعين الصحافيّ لاتخاذ القرار المناسب حين يرغب بنشر الصور منها: هل يمكن التأكد من صحة مصادر الصور؟ وما الغرض من هذه الصور؟ وغيرها من الأسئلة المتنوعة.

ويجب على الصحفيّ العودة إلى مالك الصورة الأصلي للاستئذان منه أولًا قبل النشر. والانتباه إلى الحساسيّة الثقافيّة والدينيّة للرأي العام عند اختيار الصور أمر ضروري جدًا، والأخلاق الإعلاميّة تتضمن التلفزيون كذلك بسبب تأثيره الكبير على المجتمع.

تعليق عبر الفيس بوك