ارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانية وسلاح المقاطعة

 

سالم بن نجيم البادي

سألتني المُذيعة في لقاء إذاعي عن جدوى مقاطعة الشركات التى تنتج الأعلاف الحيوانية حين تبالغ في رفع أسعار الأعلاف، وقد كانت أزمة رفع أسعار الأعلاف في بدايتها، ولم أكن متحمسًا للمقاطعة قبل تجربة طرق أخرى، مثل المطالبة بتدخل الجهات المختصة مثل وزارة التجارة ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه أو هيئة حماية المستهلك أو من يهمه الأمر!

كنت قد كتبتُ مقالًا عن أزمة غلاء أسعار الأعلاف وأطلقت عليها "الأزمة الصامتة"؛ لأن أحدًا لم يكن يهتم بشأن الارتفاع الجنوني في الأعلاف ووحدهم أصحاب المواشي يعانون في صمت ويكتوون بنار غلاء الأسعار. ومنذ ذلك الوقت والأزمة تتعمق والأسعار في ارتفاع مستمر، والملاحظ أنَّ العلف المستورد أرخص من العلف الذي تنتجه شركات الأعلاف المحلية وقد يصل الفرق إلى 500 بيسة وأكثر.

هنا نعود إلى الحديث عن مقاطعة شركات الأعلاف التي تبالغ في رفع الأسعار  والمقاطعة سلاح قوي؛ وهو سلوك حضاري ومن حق النَّاس مقاطعة السلع التي يعتقدون أن أسعارها مرتفعة مع وجود البديل والذي ربما يكون أكثر جودة، المقاطعة دون التشهير ودون ذكر أسماء الشركات لا تشتروا العلف الغالي وابحثوا عن الأعلاف الأرخص دون ضجيج. وما التقيت بصاحب ماشية إلا واشتكى من ارتفاع أسعار العلف. وأكاد أقول لهم أنتم السبب، أنتم تشجعونهم على رفع الأسعار، هم يرفعون الأسعار وأنتم تشترون مع وجود الأرخص حتى لو بفارق ضئيل.

للأسف لا توجد عندنا ثقافة مقاطعة البضائع، كل شيء يرتفع سعره والناس يشترون، لم نرَ مقاطعة بضائع حتى الآن كما يحدث في دول العالم وحتى بعض الدول العربية، نحتاج إلى وعي وإلى نشر ثقافة مقاطعة البضائع التي ترتفع أسعارها دون مبرر.

إن الدعوات إلى المقاطعة كثيرة وتشهد حماساً في البداية، لكن لا يوجد من يأخذها مأخذ الجد؛ حيث ينفض السامر ثم يتسلل دعاة المقاطعة كلا على حدة لشراء ما اتفقوا على مقاطعته.

يتداول الناس كلمة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يقول فيها لمن حوله: "هل تريدون السيطرة على الأسعار.. لا تشتروا السلع التي يرتفع سعرها"، وهذا كلام منطقي، حتى لو استمرت المقاطعة لعدة أيام ولفترة محدودة، فإنَّ في ذلك رادع للذين يتلاعبون بالأسعار والشركات المسيطرة على الأسواق والتجار الذين يرغبون في الربح الكبير على حساب عامة الناس، وأن الخوف من كساد بضاعتهم سوف يجبرهم على تخفيض الأسعار وهم يخشون من هروب عملائهم إلى شراء منتجات شركات منافسة لهم، وقضية أسعار الأعلاف مسكوت عنها ويبدو أنه لا حل لها إلا المقاطعة والبحث عن البديل الأرخص، كما إن أصحاب المواشي عليهم الدور الأكبر في مواجهة ارتفاع أسعار الأعلاف، وقد أدركوا أن قطاع الثروة الحيوانية مُهمل، ولا توجد جهة تريد الارتقاء بهذا القطاع المهم، والملاحظ أن غالبية ملاك المواشي هم من بسطاء الناس إن لم نقل الفقراء، ومع ذلك يتكلفون تربية هذه المواشي فيما يُشبه العادة أو التقاليد التي توارثوها عبر الأجيال.

حتى إن ذكر الثروة الحيوانية سقط سهوًا من اسم الوزارة التي كان يُفترض أن تهتم بالثروة الحيوانية، وهي وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.

لا عزاء لكم يا ملاك المواشي، إن لم تتحدوا في مواجهة غلاء أسعار الأعلاف.

وضحي يقول لكم: نعم لمقاطعة الشركات المنتجة للأعلاف إذا رفعت الأسعار، قاطعوا عوضًا عن الرضا بالأمر الواقع والاستسلام لجشع شركات إنتاج الأعلاف الحيوانية.