"جمعية الغارمين".. هل ستبقى "قيد التأسيس" أبد الدهر؟

 

حرب الحكيم البلوشي

 

نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الغارمين الخيرية (قيد التأسيس)

 

عندما آلينا على أنفسنا أن نُقدم جهدًا خالصًا لله وللوطن انطلقنا في دروب الشوك نمشي حفاة الأقدام؛ لنطوف على الإخوان والأهل والأصدقاء في كل ولايات ومحافظات السلطنة.

نسأل النَّاس هل منكم من يُعاني من صفعات الديون المفضية لقهر الرجال، هل منكن من تعاني من لطمات الديون المفضية لنحيب النساء، وجدنا بالفعل خلقاً كثيراً، قلنا لهم إننا جمعية الغارمين الخيرية (قيد التأسيس)، وإننا لكم ومعكم ومن أجلكم، نحن وأنتم وأنتن جميعًا نعاني من هذا الأمر الوبيل، إذن لنتحرك لنمضي ميممين شطر شجرة الخلد تلك الموجودة في الجنة، لنستهدفها كغاية، لننظر إليها باعتبارها أملا، ولنستظل بظلها وبغير أن نتذوق من ثمارها المحرم، ذلك الذي أعاد آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض، حيث نحن الآن وأنتم وأنتن مُصفدين بالأغلال.

النَّاس قالوا نعم، الناس صفقوا وهللوا ورحبوا، حمدنا الله كثيرًا وطويلا، واجتمعنا وتناقشنا وتحاورنا، تعبنا وسهرنا، بكينا وضحكنا، كتبنا نظامنا الأساسي بمداد الدموع، وكونا مجلس الإدارة بعد عناء وسهر وجهد وعرق تسربل من الجباه المجهدة، كل ذلك يهون، كل العناء يهون، فالغاية أسمى، والهدف أغلى، والناس عندنا أعز وأعلى وأغلى، رفعنا الأوراق والمستندات كاملة مكملة للجهات المختصة، وكان الأمل وكان القسم، وكان العشم، أن الأمر لن يطول، تأكيدا لن يطول، فالأخوان والأخوات ضحايا سياط الديون على الظهور العارية ينتظرون، ينتظرون الترياق الذي يُزيل جروح لسعات وضربات ووخزات وصفعات الديون القاسية، كل النَّاس آمنوا بالفكرة، أعتنقوها، صدقوها، وجدوا فيها ضالتهم التي تخرجهم من الظلمات إلى النور، وتنتشلهم من جحيم العذاب الأليم، ليُرحبوا مجددا بالحياة وبالنقاء، بالجمال وبالغناء، وبالسعادة وبالهناء.

كيف لا والديون همٌ بالنهار، وعذاب الجحيم في الليالي الداجية، ولسان حال المديونين يقول ألا أيها الليل الطويل لتنجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل، إذن أين المفر، فالبحر من خلفكم والعدو أمامكم وليس لكم والله إلا الصبر، البحر هو (الديون)، والعدو هو (الديون)، إذن هذا الوحش الكاسر يسد علينا منافذ الذهاب والإياب معًا، فإلى أين الهروب، أين كهوف الاختباء، أين الملاذات الآمنة، لا نراها، لا أثر لها، لذلك قال النَّاس (نعم) للجميعة التي هي (قيد التأسيس) طفلاً وسيماً يحبو، غير أنه قادر على الضحك والابتسام والكلام أيضًا، تمامًا كعيسى عليه السلام يوم كان في المهد صبيًا، وحيث هذا الطفل نبيل الملامح كريم السحنات والوجنات، وجد النَّاس فيه الوسيلة والغاية والفضيلة.

ثم اجتمع خلق كثير على شواطئ الأمل الطويل، وكان التاريخ هناك بكل جلالة قدره حضورا يسجل ويسمع ويرى، وكان الناس كل الناس ينظرون إلى هناك إلى خط الأفق، ذلك الخيط المهيب، حيث تدنو السماء، تتدلى بنجومها وشهبها وكواكبها من ذلك البعد الشاهق، تتواضع لنا لتُصافح سطح الماء صاحب الملح الأجاج، الأمل البعيد رآه الناس ونحن منهم ومعهم قريبا وقطوفه دانية، بل هو هين وسهل، وأنه سيأتيهم في يوم أو بعض يوم (الإشهار) المنتظر أعني، والعصي على الآذان والماقي لايزال.

نحن الآن كذلك الذي قال في لحظة ضعف بشري باهظ الثمن عندما مرَّ على قرية وهي خاوية على عروشها فقال قولته الشهيرة في القرآن "أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا"، ما حدث عظيم ووبيل تعلمونه ونعلمه فأماته الله مائة عام ثم بعثه.

فهل يا ترى سنقول كما قال لربه "لبثت يومًا أو بعض يوم"، في حين هي مائة عام بالتمام وبالكمال، أيا ترى هل علينا أن ننتظر "مائة" عام حتى نعتق رقابنا من سجون الديون، لكننا وفي مطلق الأحوال لن نقول كما قال ذاك الرجل، نقول منذ البدء وقبل البدء "نعلم أنَّ الله على كل شيء قدير".

تعليق عبر الفيس بوك