الانطلاق إلى رؤية "عمان 2040"

 

ناجي بن جمعة البلوشي

يقول الشاعر العماني عامر بن سليمان الشعيبي (المطوع) في قصيدته المعنية باختيارك لمن يستوجب عليك مصاحبته إن أردت الوصول إلى هدفك ومرادك بسهل وسلامة ورحب:

لن بغيت تشوم نقي لك ربيع // باهس وتشب من عينه الشرار

يحمل الزله وله قلب وسيع // أب على الكلمة يقاسم فالقشار

مما قاله الشاعر نأخذ العبرة للانطلاق إلى رؤية "عمان 2040" التي نعول عليها لبلوغ العديد من الأهداف، والانتقال النوعي لمكانة السلطنة وأبنائها. وإذا كان الشاعر قد حدد ملامح صفات الشخصية المطلوبة للانتقال من مكان لآخر، فإن حكومتنا الرشيدة بقيادة مولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- قد حددت أيضًا ملامح وصفات الأدوات التي يجب علينا  التقيد أو التحلي بها للانتقال بعُمان إلى تلك الرؤية المرسومة والتي صاغها أبناء عمان لوطنهم العزيز. فمن بين تلك الصفات والأدوات كان اختيار الاستفادة من طاقة الشباب الذين سيكونون في عمقها من بدايتها إلى نهايتها، فتلك المرحلة الانتقالية ستكون بداية للذي عمره اليوم 20 سنة، وسيكون في بلوغ نهايتها في سن الأربعين، وهكذا من هُم في أي سن من الشباب. ووضعت الحكومة نصب عينيها ترتيب وتوضيب البيت الحكومي ذاته من الناحية المالية والإدارية، إذ بدأت في تغيير ملامح الصفات التي كان عليها موظفوها إلى صفات ممن يتحلون بكل صفات الإنتاجية، وذلك بالتوجه إلى عدة مسارات؛ منها: الحوكمة وترشيق الحكومة ودمج الوزارات ومنح المحافظات صلاحيات اللامركزية وغيرها.

كما إن وزارة العمل مشكورة مسؤولة عن التدريب والتأهيل للموظفين لدخولهم إلى منظومة جديدة من العمل الحكومي، إضافة إلى ذلك الانتقال أو التحول، صدر مؤخرًا المرسوم السلطاني بإنشاء الأكاديمية السلطانية للإدارة وتم تعيين رئيس لها. أما وزارة المالية فتقوم بما يتناسب مع الانطلاق إلى الرؤية فيما هو متعلق بالاستدامة المالية أو بما يضمن السيولة المالية الدائمة لدعم وإمداد كل ما هو مناسب من مشاريع وأفكار ومبادرات تصب في مصلحة نجاح الوصول إلى الهدف المرجو.

هنا لا أريد أن أعدد في هذا المقال ما تقوم به كل وزارة على حدة؛ لأنهم جميعًا يعملون كخلية واحدة وفريق واحد يستوجب منا جميعًا أن نشكركم على جهودهم وإخلاصهم في عملهم وننظر إلى سعيهم بعين من الإيجابية والشكر؛ فالإيجابية دائمًا ما تصنع التفاؤل في أوساطها وتجذب إليها كل ما هو جميل وطيب وبالشكر تدوم النعم. وللاستشهاد على ذلك لعلنا هنا نستذكر بعض ملامح الأنواء المناخية "شاهين"، وما سطّره أبناء عُمان عندما اتحدوا مع مساعي وتوجهات الحكومة وممثليها فشكلوا فريقا واحدا يسعى إلى النجاح ولا شيء غير النجاح.

وقد تم النجاح بفضل من الله تعالى وتوفيقه، وتبدل حال المأساة إلى حب وتضحيات وسلام وتعاون، ومن ثم إلى النجاح الذي أبهر العالم أجمع، الجميع كان حاضرًا ولم نجد هناك الكثير من المنتقدين والمشتكين أو المشككين، فهناك جهود وهناك تضحيات ولا يوجد مجال للشك فيها من البعض؛ لأن النتائج كانت ملموسة، والوقت كان الحكم والفصل، فقد ظهرت نتائج ذلك المجهود خلال أسبوعين تقريبا.. أما رؤية "عمان 2040" فمداها 20 عامًا ومؤكد أن نلمس خلالها ملامح التغيرات حتمًا إذا ما وضعنا الإيمان بالنجاح هدفًا صريحًا.

أما ما كان يقصده مولاي السلطان- حفظه الله- في لقائه مع أبناء محافظة شمال الشرقية ونطقه السامي حيث قال "يجب علينا التمسك بهويتنا والتمسك بالسمت العماني"؛ فهو يقصد أنه يجب علينا البقاء في أخلاقنا وخلقنا وسمتنا الذي وجدنا فيه منذ أن خلقنا على هذه الأرض الطيبة حتى وإن تبدلت وتغيرت وسائل العصر، فنحن ذوو هيبة ووقار لا ننجر إلى قشار الكلام وبعض مرادفات الكلمات وأحاديث وقلقلات التواصل الإلكتروني الذي لا نعلم من هو صديقنا فيها أو عدونا، يستوجب علينا أن نرجع إلى الأصل الذي نحن منه.

وأقول لأولئك الذين هم على رؤوس الأشهاد من الانتقاد والتشكيك والشكوى والدراميات المفتعلة والمتواجدين في كل وسائل الإعلام الإلكترونية أو حتى تلك الإذاعات والصحف الإلكترونية التي تريد زيادة متابعيها بحصولها على حصة كبيرة من السوق الإعلامي، إن تأجيج المجتمع وإشغال النفوس والعقول بالحقد والضغينة وجحود النعمة وعدم قبول الآخر مع إبعادهم عن الواقع الحقيقي الذي نحن فيه من خير ونعم وفضل كريم من رب العالمين، إنما هي تجارة رخيصة وطريق ضيق ومسار لا أمل فيه. كما أعتب على بعض الجهات الحكومية التي لا تكون في الحدث وتقدم ما هو واقعي وموجود.

فعلى سبيل المثال لا للحصر الكشف عن كميات الأسماك المنزلة بالأرقام الحقيقية في جميع الأسواق العمانية خلال فترة ارتفاع الأسعار لبعض الأنواع من الأسماك، وعندما أعني جميع الأسواق فإني أعني كل المجمعات والمحلات والأسواق الشعبية وسوق الأسماك المركزي، وما هو مجمد ومتاح للبيع أيضا؛ لأن تأثير مثل هذه البهرجات الإعلامية على الاقتصاد العماني والاستراتيجات الحكومية حتمية على المدى المتوسط والبعيد، وهي سبب رئيس في طرد كل مستثمر ينوي الاستثمار في هذا القطاع  أو غيره من القطاعات، فعمان تتسع للجميع إذا ما توسعت قلوبنا وعقولنا للجميع والخير بيد أهله إما أن يكونوا متفائلين به أو هم طاردوه.

هنا سأقدم سؤالا أرجو من متخذي القرار الرد عليه: ما النتائج التي ننتظرها أو نتوقعها في المحافظات والاستثمار فيها إذا شُحنت النفوس على المحافظ وولاياته وشيوخه وأبناء محافظته؟ هناك أمثلة موجودة تحسسوها إذا رغبتم.

حفظ الله تعالى عمان وأبناءها الكرام تحت قيادة مولانا السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله.