صيحة التميز

 

فهد بن سعيد الحارثي **

fahad18@hotmail.com

 

 

رغم أنَّ مصطلحي الجودة والتميز يحملان اختلافًا من حيث المفهوم إلا أنهما وجهان لعملة واحدة، فرحلة التميز تبدأ من الجودة والتميز لن يتحقق بلا جودة وخلال الفترة الماضية لفت انتباهي التداخل الحاصل لدى الكثير من القيادات حول هذين المفهومين، والاعتقاد الشائع أن الجودة ومواصفات الآيزو أصبحت من الماضي وأن نماذج التميز هي الصيحة الحديثة حاليا.

بالطبع ليست المشكلة فقط في تداخل المفاهيم والبحث عن الأفضل  والأنسب بين مختلف المواصفات والنماذج، إنما الإيمان المطلق بأننا كمؤسسات لم تعد لدينا الحاجة لتطبيق نظم الجودة كونها أسلوب قديم مقارنة بنماذج التميز، لذلك من الضروري وقبل الاتجاه إلى استحداث فكر مفاهيمي جديد يلبي الصيحة الشائعة نحو كلمة التميز يجب أن نقف على مجموعة من النقاط الهامة لتوضيح هذا اللبس والتداخل الحاصل:

أولًا: الجودة هي بداية المسار نحو التميز المؤسسي، وتوجد مراحل للتميز انطلاقاً من الجودة والتميز التشغيلي وصولاً للتميز المؤسسي فالاستدامة، لذلك هناك حاجة حقيقية لبناء الأساس وكما قيل "التميز هي الغاية التي تسعى لها الجودة".

ثانيًا: الجودة كمفهوم ترتبط بالغرض وهي عملية تحقيق احتياجات العملاء والعمل بطريقة صحيحة  وبدون أخطاء ومن أول مرة ومطابقة المتطلبات سواء كانت متطلبات العملاء أو القانونية أو معايير المواصفات وهي تشكل الحد الأدنى المقبول بينما التميز يعني أن تتجاوز  تلك التوقعات وأن تكون رائدا في مجالك وهذا ما يضمن الاستدامة للمؤسسات وهو ما يؤكد أن الجودة والتميز مكملان لبعضهما البعض.

ثالثًا: التميز يشمل عناصر كثيرة ويُركز على النتائج بشكل كبير من خلال التوجه والتنفيذ والذي بدوره يرتبط بعناصر أخرى مثل إدارة المعرفة والابتكار والحوكمة والمخاطر لذلك تطبيق هذه العناصر يحتاج لأفضل المواصفات والممارسات ومواصفات الآيزو تساعد على ذلك.

الخلاصة.. رغم أن هناك اختلافًا مفاهيميًا بين اللفظين، إلا أن الواقع يؤكد أنهما مكملان لبعضهما البعض ففي حين ترتبط الجودة بالمتطلبات والمطابقة، فإنَّ التميز يرتبط بالمعايير ومساحته أوسع والرغبة في بناء أنظمة تميز مؤسسية مستدامة يجب أن تعبر عبر باب الجودة وبناء ثقافة الجودة في أوساط العاملين، وبناء الثقة وتمكين الشركاء والأطراف المعنية،  وتحسين بيئة العمل وفقاً لتوجه واضح  وصولا للتميز التشغيلي ثم التميز المؤسسي وثقافة التميز وهي رحلة تستغرق سنوات، وإذا ما علمنا ذلك فعندها فقط سنتأكد أن رحلة التميز تبدأ من الجودة وهي قاعدة الهرم للصعود للاستدامة المؤسسية.

** متخصص في مجال الجودة والتميز

تعليق عبر الفيس بوك