الوطن الذي نحبه

 

 

علي بن حمد بن عبدالله المسلمي

ali-almuslmi@moe.om

 

وطننا عُمان، الذي نحبه ويحبنا، منذ أن ترعرعنا فيه، نستظل بظله الوارف ونستنشق هواءه العليل ونشرب ماءه العذب الزلال ونتوسد ترابه الطاهر، بفضل من الله وكرمه علينا.

حريٌّ بنا، أن نقف وقفة تأمل، لنتلمس فضل الله علينا، فحب الوطن من الإيمان، اقتداء بسيد الأنام، عندما أخرجه قومه من مكة قال: "مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وأَحبَّكِ إلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ".

وطن دعا له خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله النبي الأمين، بالهداية والزيادة في الإسلام والبركة والخصب في البلاد وأن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم، التي تهديهم إلى سبل الرشاد أو الضلال، عندما شد إليه الرحال الصحابي الجليل، مازن بن غضوبة السعدي إلى بلاد الحجاز ومن بعده الصحابة والتابعون الكرام، فأكرمهم الله بالإسلام حيث دخلوا طواعية في دين الله أفواجا بسلام، دون أن تطأ ساحتهم خيل ولا ركاب .

وطن يسع الجميع، يضم بين جنباته في ربوع البلاد، آثارا تاريخية موغلة في القدم، بحكم العلاقات التاريخية مع الحضارات القائمة والقوم الذين استوطنوها آنذاك، في تلك الحقب من التاريخ، فمنهم السومريون، والفينيقيون، والآشوريون، والبابليون، والفارسيون، فَجّرَ أبناؤه أفلاجاً، تجري ينابيع في قراهم لري مزروعاتهم وتفي بحاجاتهم، وبنوا حصوناً وقلاعاً وبيوتاً أثرية تدل على حبهم للمعمار وهندسته وتمرسهم في السلم والحرب.

وطن شهد له القاصي والداني بدماثة خلق أبنائه وطيب معشرهم وكرمهم وعزة النفس وإبائها ونجدتهم.

وطن أنجب أئمة ربانيين وعلماء يستنهض بهم وقادة يستلهم بفكرهم؛ ليشكلوا منارة للفكر والاقتداء والسير على نهجهم وخطاهم؛ ليبقى هذا الوطن محصناً بالقيم والأخلاق للحفاظ على نسيجه بعيداً عن غوائل الفتن ما ظهر منها وما بطن.

وعلى مر التاريخ يحرص قادته على التمسك بهذا الإرث الحضاري والحفاظ على الهوية العمانية العربية الإسلامية والتمسك بها مع التجديد والأخذ بالصالح دون جمود وانغلاق؛ وها هو جلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه- عبر  لقائه في حصن الشموخ العامر بشيوخ ورشدا عمان وفي خطابه  السامي يوم الحادي عشر من يناير بمناسبة توليه الحكم في البلاد، يؤكد على أهمية التمسك بالهوية العمانية والقيم الأصيلة التي تشّرَبَها المجتمع العماني وشَرُفَ بها على مر العصور وتحصين الشباب والأسرة من غوائل شبكات التواصل الاجتماعي.

إن التجديد دون انغلاق مطلب حضاري، تسعى إليه الأمم الراقية، فمخاطبة جلالته للشباب الذين هم عماد الأمة، هدف سامٍ من لدنه لتوفير كافة السبل لهذه الفئة العمرية لرعايتهم، وتلبية حاجاتهم ومتطلباتهم من قبل الحكومة الرشيدة ليمضوا بالوطن إلى آفاق أرحب وبدون كلل أو ملل ليرتقوا به في ذرى العلياء متمسكين بأهداب الفضيلة ومحافظين على قيمهم النبيلة المنبثقة من تعاليم الدين الحنيف ليسعد أبناؤه بالرفاه الاجتماعي والسؤدد ليظل هذا الوطن ينعم بالازدهار والسلام كما أراد له مُؤسس النهضة الحديثة السلطان قابوس- طيب الله ثراه. -

تعليق عبر الفيس بوك