بين الحُلم والسَّواد

موزة المعمرية

وسط شروق الحياة، والطموح، والحلم الجميل، انبثق لونٌ أسود طغى على رونق الألوان وقيَّد عذوبة الأحلام الشبابية، وجد نفسه ضالاً، تائهاً، في دوامةٍ تُغرقه معها مصحوبة بلعنات مرض كورونا، اقتصاد سيئ نتج عنه شُح الوظائف، وضيق العيش، وجد نفسه واقفاً في نقطة معينة والزمن واقف معه لا يتحرك، كساعةٍ رملية نفذت منها حبات الرمل فبقيت على حالها دون حراك فترتها الزمنية، بدأ يحسب الحسابات العقلية.

"إن لم أحصل على وظيفة، فلن أحصل على زوجة؛ وبالتالي لن أصبح أبًا يوماً ما؛ وبالتالي لن تكون لي حياة أسرية".

شعوره الآن كشعور الذي تاه في عاصفةٍ ثلجيةٍ وتاه مع دوامة الرياح؛ حيث رمته على تلٍّ مكسوٍّ بالثلج الأبيض الذي يحبس الأنفاس، بدأ القلب يُصاب بالتجمد، والأطراف يتآكلها الصقيع ببطء شديد، وبدأ العقل يتوقف عن التفكير، لا فائدة، لا يوجد حل، لا يوجد مهرب سوى "انتظار الفرج"، ومتى يأتي هذا الفرج المُنتظر؟ وإن أتى كم سيكون مقدار العمر الذي سيتبقى من العمر الذي سيمضي مع مُضي الزمن المُر؟ فجأة؛ أظلم المسرح الحي ليُسفر عن مرارةٍ أخرى يتبعها فطرٌ أسود يزيد سواد الليل، ويجثم على الصدور لتضيق الدنيا بما رَحُبت، تُرى متى ينتهي كل ما يمر به العالم الآن؟

ومتى تنتهي مرارة هذا الفنجان الذي نتجرع قطراته رُويداً حتى الهلاك؟

ومتى أنهض أنا بذاتي ككائنٍ لي كيان؟!

تعليق عبر الفيس بوك