اللامركزية والمرجو منها

 

د. أحمد بن عبدالكريم بن عبدالله

لا أحد يستطيع أن ينكر اللفتة الكريمة والقرار القيادي النافذ الذي تم اتخاذه من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الشخصية القيادية الكاريزمية الملهمة الذي وجهنا كيف يمكننا أن نحقق الإنجاز والتنمية معاً في محافظاتنا ومجتمعاتنا المحلية من خلال اللامركزية وتفويض الصلاحيات مع تقديم الدعم المتنوع، ولكن هناك سؤال غاية في الأهمية يخالجني ويدور في فكري على الأقل من وجهة نظري الشخصية، ولا أدري من يتفق أو لا يتفق معي وخاصة قبل صدور نظام اللامركزية ومنح الصلاحيات التي تخول المحافظين لإدارة محافظاتهم ومجتمعاتها بما يتناسب مع حاجاتها التنموية الشاملة واستدامتها دون الرجوع إلى لجان مركزية أو بيروقراطيات إدارية.

فهل يمكن فعلاً أن يكفينا نظام اللامركزية ومنح الصلاحيات دون المراعاة الضرورية لوجود مسؤولين وقيادات مناسبة ذات كفاءة وقادرة على أن تترجم هذه الصلاحيات والتفويض الممنوح لتحقيق الأهداف المرجوة من ذلك، ولتتمكن من النهوض بمجتمعاتها ومقدراتها إلى آفاق أرحب وأشمل من التطور والتنمية والرفاه وخلق ثقافة واعية وناضجة تستطيع من خلالها أن تواكب الثقافة المؤسسية للدولة وتتوافق مع الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".

إن العنصر البشري كما هو معلوم أداة التنمية وأساس تطورها وهو القادر على نقل وترجمة الفكر القيادي إلى واقعٍ عمليٍّ وملموس يشعر به المواطن العادي البسيط قبل المسؤول، فيلامس منفعته وفائدته ويترسخ في ذهنه إيجابيات هذا الفكر وجدواه الاقتصادية والاجتماعية، مما يتحفز هو شخصيا ويحفز الآخرين من حوله لمواكبة هذا الفكر الراقي والثقافة الإيجابية المؤمنة بإمكانيات وقدرات هذا الوطن والمجتمع للتحول به إلى مستويات أعلى من الرقي والإنتاجية.

كما أنه لا بُد أيضا من الدعم والمتابعة والتقييم المتواصل لهذه التجربة الرائدة في بلادنا الحبيبة ووضع الآليات المناسبة من التحفيز والتنافسية الإيجابية بين المحافظات وكوادرها القيادية والاحتفال بإنجازاتها التنموية والمجتمعية وإبرازها إعلاميا من خلال التميز الإبداعي والابتكاري والرقي الفكري الذي تحقق وسيتحقق بإذن الله تعالى في مجتمعاتنا ومكافئتهم على تلك المنجزات سواء كان ذلك على مستوى القدرات الفردية أو المؤسسية.

شكرًا لهذا الفكر الهيثمي المستنير والمتقدم الذي يواكب التطور ومستلزمات العصر الحديث بتقنياته المادية والتكنولوجية وثقافته الفكرية والعلمية مع المحافظة على الهوية والموروثات العمانية الأصيلة الذي يتطلب منِّا جميعًا الالتفاف خلف هذه القيادة الحكيمة وأهدافها النبيلة التي تسعى وبكل جهد وعزيمة إلى بناء نهضة عُمان المتجددة لخدمة هذا الوطن وشعبه الوفي.

حفظ الله عمان وشعبها وقائدها المفدى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأعانه وأنار دربه وكلل كل مساعيه وجهوده وحكومته الرشيدة بالتوفيق والنجاح.