نهج حكيم ودعم كريم في تربية الأبناء

 

د. عامر بن محمد العيسري **

 

يستبشر الأطفال والقائمون على رعايتهم بالكلمات الحكيمة التي استمعنا إليها بإنصات وسعادة غامرة في خطاب جلالته حفظه الله ورعاه أمام شيوخ في محافظتي الداخلية والوسطى بحصن الشموخ العامر، فها هو النطق السامي الحكيم يؤكد على أن "المؤسسات المجتمعية قائمة اليوم بأدوار تطوعية مثل جمعيات المرأة وجمعيات التكافل وجمعيات الأطفال نظرنا لها وسنقوم بدعم كل هذه الجمعيات وسيتم الإعلان عن نوعية الدعم".

هذه التوجيهات من لدن جلالته تسعى إلى ترسيخ فكر التطوع في نفوس المواطن والمقيم وتدعو الجميع أن يهبوا ويمدوا يد العون لتلك الجمعيات الأهلية من منطلق التطوع لخدمة الوطن وأبنائه، ومن هذه الجمعيات التي تشرفت بالنظرة والرعاية السامية جمعية الأطفال التي أكد جلالته على دعمها لما تقوم به من أدوار مهمة للأطفال في السلطنة، كيف لا والجمعية تسعى في رؤيتها الاستراتيجية إلى توعية وتمكين الطفل في المجالات الربوية والصحية والثقافية لتلبية حاجاته وتطوير قدراته وتعزيز حقوقه ليكون فردا فاعلا في المجتمع، وقد وضعت الجمعية رسالة واضحة سامية هدفت فيها إلى أن تكون مرجعا معرفيا ومنصة داعمة للطفولة في السلطنة، للمساهمة في غرس قيم المساواة واحترام حقوق الطفل والمواطنة المسؤولة من خلال الشراكة المجتمعية والمؤسسية لتعزيز بيئة تنموية متكاملة.

وها هو النطق السامي الحكيم في خطاب جلالته يقترب أكثر من قلوب الآباء والامهات ليخط نهجا حكيما في تربية الأبناء على قيم المجتمع وعاداته في وقت يرزح فيه العالم بالآثار المختلفة لشبكات التواصل الاجتماعي على الأبناء فيؤكد جلالته على أن "تربية الأبناء لا تتم عبر شبكات التواصل، فتربية الأبناء جزء من أصل المجتمع العماني، عندما يتشرب أبناؤنا بعاداتنا وتقاليدنا والتمسك بالأسرة والمجتمع ستكون سبيلا لنجاح المجتمع، وهي طبعا تقنية أصلها لخدمة البشرية ولكن مع الأسف استغلت بطريقة سلبية جدا، وأثرت على النشء ليس في بلدنا فقط فكل العالم يعاني منها، لكن علينا أن نحافظ على إرثنا وترابطنا الأسري"، فعلينا أن نأخذ الدروس المستفادة من توجيهات جلالته لنستفيد من التقنيات الحديثة و شبكات التواصل الاجتماعي بالأسلوب العلمي المنظم، لتكون داعمة لتنفيذ أهدافنا وغاياتنا التعليمية والمجتمعية والتربوية، ولا تكون غاية في حد ذاتها تؤثر سلبا في أفكار أبنائنا و توجهاتهم و أوقاتهم وأدائهم التعليمي، ويكون تركيزنا أولا وأخيرا على تشريب الأبناء سمات المجتمع وقيمه، وإعدادهم للتعامل مع قضاياه وقضيا الأسرة التي تشكل نواة في بناء المجتمع والحفاظ على مستقبله.

إن تركيز الخطاب السامي على أهمية تقديم العناية والرعاية والدعم لجمعية الأطفال، وربط ذلك برسم منهج حكيم في تربية الأبناء في ظل معطيات العصر وتطوراته ينبئ مبشرا بمستقبل تنموي زاهر ستجني الأجيال القادمة ثماره اليانعة، وتوثق هذا الاهتمام الكبير والنظرة الثاقبة ما حفلت به رؤية عمان 2040 التي وضعت ضمن أولى اولوياتها تجويد التعليم فكان الهدف العام لاستراتيجية بناء الجودة في التعليم يؤكد على الارتقاء بجودة النظام التعليمي، لتواكب المستويات الدولية بما يسهم في بناء مخرجات ذات جودة عالية، وأكدت الرؤية على تطوير منظومة المناهج التعليمية لتعمل على تعزيز القيم والمبادئ الإسلامية وتراعي الهوية الوطنية ويتم استنباطها من التراث والتاريخ العماني.

ومن هنا على جميع المؤسسات الحكومية والأهلية مدعومة من مؤسسات القطاع الخاص أن تستجيب لهذا النداء الإنساني الحكيم من جلالته للاهتمام بفئة الأطفال ودعم قضاياهم و تجويد تربيتهم والتعامل معهم ليكونوا قادرين على حمل راية الوطن ورفع اسمه ورايته سامية في مصاف دول العالم والمشاركة بفاعلية في بناء مستقبل مشرق لبلدنا عمان.

** أكاديمي بجامعة السلطان قابوس

عضو مجلس إدارة جمعية "الأطفال أولًا"

تعليق عبر الفيس بوك