توظيف العمانيين.. التحديات والحلول (3)

 

هلال بن حمد النعماني

نواصل في هذا المقال عرض الحلول التي نقترحها لمعالجة مشكلة توظيف العمانيين، ونشير إلى أهمية وجود مؤسسات أهلية لتنظيم سوق العمل في كل ولاية.

فهناك فجوة بين الشباب الباحثين عن الوظائف، وفرص العمل المتاحة، فكثيرٌ من المُواطنين لديهم من المهارات الفنية والعلمية والعملية للقيام ببعض الأعمال التي بحاجة إليها المجتمع كأعمال حرة، لكن لا يعلم بهم أحد فتكون الاستعانة بالأجنبي بدل المواطن. وقبل فترة اطلعت على مقطع مرئي لسوق نزوى، وما جذب انتباهي أن الباعة جميعهم عُمانيون، وهذا ما كان ليتم لولا وجود تنظيم مجتمعي وقناعة أن لا يعمل بالسوق إلا أبناء البلد، والذي أراه أن تنبثق تنظيمات ولجان أهلية تعاونية في كل ولاية وتكون تحت إشراف مكاتب سعادة الولاة بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، دورها التوفيق بين سوق العمل والراغبين في العمل من المُواطنين، وأن يكون لكل ولاية خطتها الخاصة بها.

إذا اشترك المجتمع والحكومة في عملية إحلال المواطن في سوق العمل لكتب لهذا الإحلال النجاح؛ لأن الحكومة هي التي سمحت للعامل الأجنبي بالحضور والمواطن هو الذي سلمه العمل.

ومن أكثر الأعمال التي يحتاجها المجتمع الأعمال الحرفية والمهنية، وهناك نسبة من المواطنين لديهم إلمام بها ولديهم استعداد للعمل، والذي نقترحه في هذا الصدد أن تشجع الحكومة الشباب على الاشتراك فيما بينهم لإنشاء ورش في مختلف المجالات التي يحتاجها المجتمع يكونون هم أصحابها والمشتغلون فيها، كذلك في قطاع الهندسة والمقاولات فلدينا المهندسون والفنيون فلو اشترك هؤلاء فيما بينهم وكونوا نشاط مقاولات لتهافت أفراد المجتمع عليهم.

مقترح آخر بإنشاء شركات تابعة للقطاع العسكري؛ حيث إن ميزة القطاع العسكري أنه قطاع واسع يضم أعدادًا كبيرة من المواطنين، كما أنه يتميز بالضبط والربط والالتزام والنظام والانتظام، ويعني ذلك أنه أكثر حزمًا من القطاعات الأخرى. ومن الأفكار التي نقترحها: إنشاء شركة للهندسة والمقاولات تقوم بتنفيذ جزء من مشروعات البنية الأساسية المختصة بها، وسيكون لهذه الشركة دور فعال في توظيف شباب الوطن وفي التدخل السريع لمعالجة الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية؛ أي ستكون معول بناء في يد الحكومة تستخدمه متى شاءت.

ويمكن للحكومة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المضمار، فهناك العديد من الدول تعزز استثمارات القطاع العسكري في المشروعات المدنية مع التنبيه أنه ليس بالضرورة أن تُحقق هذه الشركات أرباحًا كبيرة في هذه المرحلة، ويا حبذا لو كانت هناك حاضنة لمبتكرات الشباب العماني في الجانب العسكري من خلال استقطاب الشباب المبدعين لتقوم مستقبلًا صناعات عمانية عسكرية.

المقترح الثالث في هذا المقال يتمحور حول الاستفادة من المتقاعدين من القطاع الحكومي؛ حيث إن هناك الكثير من الوظائف الإدارية والقيادية في القطاع الخاص تشغلها العمالة الوافدة، وهذه الوظائف بطبيعتها تحتاج إلى خبرة لشغلها ولا يمكن للعماني حديث التخرج من الدراسة الجامعية أن يحل مكان الوافد فيها، لعدم توافر عنصر الخبرة، لكن هناك كفاءات عُمانية كثيرة تقاعدت مؤخرًا من القطاع العام وهي تملك من الخبرات العلمية والعملية وما زالت في قمة عطائها، ويمكن الاستفادة منها لتحل مكان الوافد في القطاع الخاص؛ لذلك على الحكومة أن تبادر بحصر المُتقاعدين الراغبين في العمل في القطاع الخاص؛ لإحلالهم في الوظائف الإدارية والقيادية التي لا يمكن أن يشغلها الخريجون. ستساهم هذه الخطوة في تسهيل تعمين سائر الوظائف في هذا القطاع المُهم، كما إنها ستعمل على الاستفادة من الطاقات والخبرات التي فقدناها في عملية التقاعد.

وسنواصل طرح الحلول في الجزء الرابع والأخير إن شاء الله.

تعليق عبر الفيس بوك