حول الجائزة الوطنية للبحث العلمي

 

متعب بن خلف الغافري

alghafrimksa@yahoo.com

 

أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار خلال الأيام الماضية، فوز 13 ورقة علمية بالجائزة الوطنية للبحث العلمي في دورتها الثامنة، وذلك بعد مُشاركة 243 ورقة بحثية، تقدم بها باحثون عمانيون مستوفون للشروط؛ سواء من حملة شهادات الدكتوراه وما يُعادلها، أو فئة الباحثين الناشئين (من غير حملة شهادات الدكتوراه).

ونصت الشروط العامة للاشتراك في الجائزة الوطنية للبحث العلمي بنسختها الثامنة في مجملها على الدقة والصرامة المطلوبة ومن هذه الشروط أن تكون الورقة البحثية قد تم نشرها في إحدى الدوريات العلمية المحكمة المدرجة في تصنيف "Scopus أو Web of science".

وهذه الاشتراطات لا غبار عليها وذلك من أجل ضمان جودة البحث العلمي، ومن الجيد أن أكثر من 240 باحثا وورقة بحثية قد تخطتها مما يعني أن هناك قاعدة جيدة من الباحثين قادرين على إثراء الساحة العلمية بإنتاج رصين يسد الفجوات ويجيب عن الكثير من الأسئلة العلمية ذات الأهمية. كما أن المسابقة تشهد سنويًا ارتفاعًا في أعداد المتقدمين والمتنافسين عليها وهو دليل واضح على أهمية الجائزة لدى الباحثين العمانيين وقدرتها على جذبهم للمشاركة فيها.

ولا شك أن فوز 13 ورقة بحثية يعني أن هناك عشرات الأوراق العلمية لم يتلقَ أصحابها ولو مجرد رسالة إلكترونية تخبرهم بموعد إعلان النتائج أو على الأقل النتائج التي أُعلن عنها مع نسخ من الأوراق العلمية؛ لكي يطلع عليها الباحث ويستفيد منها؛ سواء بالفكرة المقدمة أو اللغة المستخدمة أو منهجية البحث بشكل عام.

ومن الجيد أن يحظى الباحث بمن يُقدِّر إنتاجه العلمي ويشجعه على بذل المزيد، وأجزم أن أغلب الباحثين المشاركين كان هدفهم الوحيد من المشاركة في هذه المسابقة هو تسجيل حضوره كباحث، لديه الشغف العلمي والإنتاج المقدّر إقليميا ودوليا؛ اذ إن أغلب الباحثين قد نشروا أوراقهم في مجلات لها وزنها وانتشارها على المستوى العالمي. الغريب في الأمر أن المشاركين في هذه المسابقة- عدا الفائزين- لم تصلهم حتى ولو على الأقل رسالة إلكترونية تشكرهم على المشاركة، إضافة إلى تحرير شهادة مشاركة تخبره أنه محل تقدير كباحث وتتمنى له المزيد من التقدم.

لذا نأمل من القائمين في المرات القادمة على هذه المسابقة، أن يخففوا قليلا من الشروط، وأن توسع نقاط التقييم لديهم، فبالإمكان أن تكون من ضمن معايير التقييم أن يتضمن قوة اللغة العلمية المستخدمة في سرد البحث، فالمطّلع على الكثير من الأوراق العلمية يجد تباينًا في استخدام اللغة، من السهل الممتنع إلى اللغة الممتعة المطعمة بالمصطلحات الشارحة للفكرة. كما إن تقسيم الورقة العلمية وإفراد العناوين الفرعية بطريقة إبداعية يعد جزءًا مهمًا من الخبرة البحثية، نراها ماثلة في الكثير من الأوراق العلمية، ويتنافس الباحثون في الابتكار والتنويع في إخراج الورقة بحلة جاذبة للقراء؛ إذ إن معدلات القراءة للورقة العلمية من الأمور التي يهتم لها الباحث والتي تزيد من رصيده من الاستشهادات.

والتأكيد على أهمية أن يتضمن التقييم أفضل نموذج توضيحي يشرح النتائج أو يستعرض مراحل التفاعلات الدقيقة سواء عبر استخدام وسائل الإعلام الرسمية وأبرزها المرئية أو الوسائل الأخرى التي تطرحها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وتخصيص تطبيق موحد للمسابقة. وهذا بحد ذاته سوف يشهد إبداعا في عرض النتائج وشغفا لدى المتنافسين ببذل المزيد، كما أن استخدام طرق مبتكرة في عرض النتائج يسهم بشكل كبير في قبول الورقة العلمية ونشرها بسهولة في أرقى المجلات العلمية.

** باحث في الوراثة التطورية والاستدامة البيئية

جامعة إدنبره نابيير والجمعية الملكية لعلم الحيوان بأسكتلندا

تعليق عبر الفيس بوك