دم ودين

 

عمرو العولقي

هل أحسست بأن كل الأبواب مغلقة أمام جميع الحلول الممكنة..فهل اتخذت قرارك الصحيح في الوقت المناسب؟ هل حسبت كل النتائج المتوقعة قبل اتخاذ قرارك النهائي؟

كلها أسئلة قد تحدد مسار حياتك إلى الأبد.

التقط سالم تلك السكينة الملقاة على الأرض وقام بغرسها في بطن ابن عمه حسن وتحققت أسوأ مخاوفه.

انغرست السكين عميقاً حتى مزقت أحشاءه وعندها جحظت عينا حسن ذي العشرين ربيعا ممسكا ببطنه غير مصدق ما حدث للتو...

في البدء لم يشعر بالألم بل كانت دهشته أكبر بكثير من ألم الطعنة نفسها، تسارعت أنفاسه وبدأ باللهاث عندها فقط أدرك أنه أصيب بطعنة وأحس عندها بالألم الشديد.

جثى على ركبتيه وعيناه مسمرتان على سالم ولسان حاله يقول"ما الذي حدث؟" في تلك اللحظة أدرك سالم أن ما تراه عيناه حقيقي لقد قام بطعنه !!!! امسك سالم بكتف ابن عمه وقال "يا إلهي ماذا فعلت؟! كيف لي أن اقتلك؟!"

تزاحمت الأفكار في عقل سالم ماذا سيفعل؟ كيف يتصرف؟

لم حدث كل هذا؟! فتذكر السبب الذي دفعه لفعلته تلك.

إنه أسوأ طباع البشر التي قد تدمر كل شيء بمجرد تتابعها وعدم إيقافها في الوقت المناسب.

أول حلقة من السلسلة الكذب كذريعة للحصول على أهداف معينة مقابل التضليل وتزييف الحقائق وبالتالي يتولد الغضب على الجانب المقابل، الشعور بالضغط والتوتر الداخلي والرغبة في إيذاء الآخرين، ثاني حلقة هي بعض التراكمات المكبوتة تجاه شخص مُعين وانطباع محفور بالذاكرة بطريقة سيئة، يتبقى شيء واحد وهو انتظار لحظة الانفجار للقيام بردة الفعل.

سالم شاب لطيف ومستقيم ولا يحب الكذب عكس حسن ابن عمه الذي كان يستخدم الكذب لجلب ما يريد لدرجة أنه أصبح الكذب عادة يومية يقوم بممارستها على الجميع لتحقيق أهدافه الخاصة.

في يوم من الأيام طلب سالم من ابن عمه حسن إيداع مبلغ من المال في جهاز الصراف الآلي وكان مبلغا كبيرا وحيث إن الأول كان مشغولا جدا طلب من الأخير الإسراع بإيداعه حيث إنه ملزم بسداد الشيك في اليوم التالي.

ولكن كعادة حسن طمأنه وأكد له أن المبلغ سيكون بالحساب خلال ساعة. أفاق سالم في اليوم التالي على رنين هاتفه المحمول وصدم حينما علم أن المتصل كان موظف البنك يخبره برجوع الشيك.

على الفور هاتف حسن مستفسرًا عن المبلغ ولم لم يودعه في البنك؟ أجابه حسن بصوت خالجه النعاس وماطله واخلتق الحجج بمهارة ثم قام بإغلاق هاتفه المحمول واستمر الحال هكذا إلى أن طرقت الشرطة باب بيت سالم لإلقاء القبض عليه!

توسل سالم لدى رئيس الشرطة كي يمنحه بعض الوقت ولو يوم واحد لإحضار المبلغ المدان به فوافق أخيرا..

هرع سالم على الفور إلى حسن وقص عليه ما حدث له في قسم الشرطة فما كان من حسن إلا أنه أخذ يمازحه ويهون الأمر قائلا" لن يحدث لك مكروه أنا متأكد من ذلك" وأخبره بأنه صرف المبلغ كاملا، ولن يستطيع إرجاعه أبدا.

عندها لمح سالم السكين الملقاة على الأرض، ارتفعت الأصوات وحسن لا يزال يقهقه ويستهزأ بسالم إلى أن قرر سالم غرس تلك السكين ببطنه!

هل كان هذا هو الحل الوحيد؟

لفظ حسن أنفاسه الأخيرة تاركًا سالم محملاً بجريمة قتل إلى جانب قضية شيك مرتجع وعذر قبيح لن يشفع له.

تعليق عبر الفيس بوك