فتش عن ذاتك.. وغض الطرف عن الآخرين

 

فاطمة هبيس الكثيرية

كم ينتابني كثير من الدهشة من أولئك الأشخاص ضيقي الأفق الذين يصبون جل تفكيرهم على تفاصيل حياة الآخرين، فنجدهم يتابعونهم بدقة متناهية كمن يرصد حدثا فلكيا بتلسكوب مكبر يراقب به حركة إحدى المجرات الفضائية التي تقترب من كوكبنا؛ ليكتشفوا جمالها الأخًاذ، أو حتى مخاطرها على كوكب الأرض إنهم يركزون على تلك المجرة رغم أنها بعيدة، ولن يستطيعوا إيقافها، ولكنى لا أفهم إصرارهم المستميت على متابعتها، ولا أجد له مبررا إلا الحقد الدفين في نفوسهم تجاه الآخرين أو خللا في طبيعتهم.

إنهم يضيعون أوقاتهم الثمينة على أشياء عديمة الجدوى أو بالأحرى على أشخاص قد لا ينتبهون حتى لوجودهم.فكل شخص مهتم بحياته بأفكاره بمعتقداته بنجاحه بمشاكله.

وهؤلاء لا يهتمون لنجاح حياتهم بسبب تركيزهم على الآخرين بدلا من التركيز على تطوير ذواتهم ومحاولة إيجاد حلول سليمة لمشاكلهم.

هذه النوعية من البشر خطرها على المجتمع هدّام؛ حيث نجد البعض قد ينهون حياتهم المادية أو المعنوية بسبب كلام الآخرين أو نظرتهم لهم. فيتوقفون عن النجاح والتقدم؛ فالله سبحانه وتعالى حين وهبك الحياة أنعم عليك بسنوات محدودة لا تعلم متى تنتهي. وجميعنا عاجز عن إدراك ساعة توقف قطار عمره. إذن أنت في سباق مع الزمن لتثبت أنك تستحق هذه السويعات التي وهبت لك من الخالق، فأنت لم تخلق عبثا، ولم تخلق لتكون مراقبا أو وليًّا على العباد وأفعالهم، أنت وُجدتَ لهدف سامٍ، ولدور يجب عليك إنجازه قبل أن تنتهي ساعاتك. أنت لم تُخلق من أجل الأكل والشرب وإنجاب الأطفال فقط، أنت أعظم من ذلك بكثير أنت مخلوق مكرم نفخ الله جل جلاله فيك من روحه.

ويجب أن تدرك ذلك جيدا أنت مخلوق لعبادة الله وعمارة الأرض وليس من أجل التفاهات، وسواء كنت ذكرًا أم أنثى لا فرق فالجميع مكلف والكل مسؤول أمام خالقه عن عمله وعن رعيته.

قال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، أنت راعٍ أمام الله سواء كنت في وظيفة أو في البيت ويجب أن تتحمل هذه المسؤولية وسيأتي ذلك اليوم الذي تسأل فيه.قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفاه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به".

فهل أعددت إجابة وافية لهذه الأسئلة الربانية؟ هل تستطيع أن تجاوب دون تلعثم؟ هل أنت واثق أنك صنت الأمانة وأديت الهدف الذي خلقت من أجله؟

عزيزي القارئ.. عليك أن تقف أمام ذاتك وقفة فاحصة ناقدة محايدة مدركا أنك الرابح أو الخاسر الأول والأخير؛ فأنت الأدرى بها، وتسأل نفسك قبل أن تسأل،وتحاول الإجابة بكل صدق ؛فليس عليك مراقب إلا خالقك ولا تجمل الحقائق عندها فقط ستدرك وجوب التركيز على نفسك لا على الآخرين مع ضرورة وضع نظرتهم لك أو حديثهم عنك خلف ظهرك؛ فلو جعل كل منا همه لقاء ربه، وهو يملك الإجابات على الأسئلة السابقة فلن يجد الوقت الكافي لكي يلتفت إلى حياة الغير، فنحن مكلفون بمهام عظيمة وما نحن إلا ضيوف على هذه الدنيا، ويجب أن نحسن الضيافة، ونلتزم بآداب الضيف لنفوز بنعيمي الدنيا والآخرة.

دمتم ودامت حياتكم في تطور ورقي وصلاح.

تعليق عبر الفيس بوك