ملتقى أولياء الأمور.. لقاء وارتقاء

 

د. خميس بن عبدالله البوسعيدي **

 

تعد مثل هذه اللقاءات الجامعة من أبرز المبادرات المخلصة التي انطلقت من الحقل التربوي، وتبنتها بعد ذلك مشكورة وزارة التربية والتعليم، حيث أضافت إليها طابع التنظيم وتحديد الوقت المناسب لها، بحيث تكون متزامنة قدر الإمكان في ربوع سلطنتنا الحبيبة، مع وجود بعض المرونة في تقدم يوم أو تأخره حسب ظروف المدارس، وخاصة في ظل جائحة كورونا والبروتوكول الصحي المعمول به في المؤسسات التعليمية بالسلطنة.

والمتتبع لهذه اللقاءات التربوية الهادفة تغمره السعادة والسرور وهو يرى أولياء أمور الطلبة وهم يتقاطرون أفواجاً نحو مدارس أبنائهم، في مشهد تربوي جميل. الكل يحث الخطى مسرعاً للسؤال والمناقشة والحوار مع المعلمين وإدارة المدرسة حول مستوى وسلوك أبنائه الطلبة؛ الأمر الذي يساهم بدوره في إثراء وارتقاء مسيرة العمل التربوي، ويحقق الشراكة والتكامل بين المدرسة والبيت، والدفع بمسيرة التعليم في السلطنة نحو آفاق أرحب ومستويات متقدمة على جميع الأصعدة.

ومستوى النضج وتحمل المسؤولية الذي وصل إليه أولياء أمور الطلبة في هذا المجال لهو مثار فخر واعتزاز لدى الجميع، ونقطة تحول لها انعكاساتها الإيجابية على قطاع التعليم، حيث يظهر ذلك جلياً في الحرص الشديد من الجميع للحضور إلى المدرسة والالتقاء بالمعلمين والاستماع لهم في أجواء ودية جميلة، وإيجاد الحلول للتحديات التي تواجه مسيرة أبنائهم التعليمية.

مثل هذه التجارب التربوية الناجحة تدعو الجميع لبذل المزيد من الجهود للارتقاء بالمستويات التحصيلية لأبنائنا الطلبة في جميع مراحلهم الدراسية، وتوعية المجتمع لضرورة الحضور لمثل هذه اللقاءات التربوية التي تجمع ولي أمر الطالب والمعلم وإدارة المدرسة تحت قبة واحدة؛ الأمر الذي يضمن الحفاظ على زمن التعلم حيث يوفر للمعلم فرصة اللقاء بأولياء أمور الطلبة في يوم واحد وساعات معدودة، تغنيه عن اللقاءات والزيارات المتقطعة والعشوائية لبعض أولياء الأمور، والتي قد تؤثر على سير العمل ووقت حصصه الثمين، وكذلك الأمر ذاته لولي الأمر المثخن بالكثير من الأعمال والمسؤوليات والارتباطات التي تشغله عن الحضور المتكرر للمدرسة، حيث يجد ضالته في هذه الأيام والملتقيات التربوية المحدد موعدها سلفاً مكاناً وزماناً.

ومما لا شك فيه أن هذه اللقاءات الهادفة تحفز مجالس أولياء أمور الطلبة نحو تفعيل كافة الصلاحيات الممنوحة لها لخدمة العملية التعليمية التعلمية، وإيجاد قنوات تواصل مع المُجتمع بكافة أطيافه، واستقطاب الكفاءات والخبرات التربوية للترشح لعضوية هذه المجالس للقيام بالأدوار المنوطة بها وتحقيق النتائج المرجوة على الوجه الأمثل.

ولقد شهدت لائحة مجالس أولياء أمور الطلبة تطوراً مطرداً منذ إصدار أول لائحة في عام 1999؛ حيث حددت تنظيم وإدارة هذه المجالس، واستمر التطوير لهذه اللوائح لكي تتماشى مع المتطلبات التربوية المعاصرة، والتي تضمن مشاركة أوسع لولي الأمر في تطوير أداء المدرسة، وفي هذا السياق صدر القرار الوزاري رقم 120/2019م بالعمل بلائحة مجالس أولياء الأمور الجديدة. حيث شهدت اللائحة في نسختها الأخيرة مشاركة أوسع لأطياف المجتمع في عضوية هذه المجالس، كأعضاء المجلس البلدي، ورؤساء ومديري الجهات الحكومية، ورؤساء ومديري الشركات والمؤسسات بالقطاع الخاص، ورؤساء الأندية الرياضية، والمشرفين والمعلمين. وتعتبر مجالس أولياء الأمور من أبرز قنوات التواصل في النظام التعليمي بالسلطنة، وتنبثق من جمعيات عمومية للآباء بمدارس البنين، والأمهات بمدارس البنات.

وبناءً على ما تقدم، نحث وزارة التربية والتعليم على ضرورة تفعيل أدوار مجالس أولياء أمور الطلبة من خلال توسيع دائرة الصلاحيات الممنوحة لهذه المجالس ومُراقبتها، وضمان موارد مالية مُستدامة لها من خلال استثمار مواقع ومباني المؤسسات التعليمية والسماح لها بتأجير بعض المرافق لأنشطة لا تؤثر على سير العمل التربوي بها مثل: تأجير الملاعب الرياضية القائمة بالمدارس، وإنشاء بعض المحلات التجارية، والمسارح، والقاعات، وغيرها.

** باحث تربوي بإدارة التربية والتعليم بالسويق

تعليق عبر الفيس بوك