مؤشرات إيجابية على تراجع خطورة "كورونا"

الهنائي لـ"الرؤية": "أوميكرون" سريع الانتشار .. والجرعة الثالثة "الحل الأمثل" لمواجهة متحورات كورونا

التحور الفيروسي ناتج عن "أخطاء في نسخ الحمض النووي"

◄ "أوميكرون" سريع الانتشار ويحل مكان المتحور "دلتا"

◄ 35 % نسبة الحماية للحاصلين على جرعتين ترتفع إلى 70% مع الجرعة الثالثة

◄ 70 % نسبة الحماية من الإصابة الشديدة للحاصلين على جرعتي لقاح

◄ الجرعة الثالثة من "لقاح كورونا" ضرورية مع تفشي "أوميكرون"

◄ لا داعي للذعر من "أوميكرون".. لكن الحذر واجب عبر التقيد التام بالإجراءات الاحترازية

◄ الشركات الربحية ليست مصدرًا معتمدًا لاستشراف مستقبل الجائحة

اللقاحات أكثر فعالية وأمانًا من الأدوية في علاج "كوفيد-19"

الرؤية- مدرين المكتومية

أكد الدكتور زيد بن الخطاب الهنائي استشاري الأمراض المعدية للأطفال بمستشفى جامعة السلطان قابوس أن المتحور "أوميكرون" من فيروس "كوفيد-19" سريع الانتشار، وحل محل المتحور "دلتا" في العديد من دول العالم؛ حيث بات السبب الأول في التفشي الحاصل في الوقت الراهن.

وقال الهنائي- في حوار خاص مع "الرؤية" عبر الإنترنت- إن نسبة الحماية للحاصلين على جرعتين من لقاح كورونا في مواجهة المتحور الجديد تصل إلى 35%، بينما تصل نسبة الحماية من الإصابة الشديدة للحاصلين على جرعتي اللقاح إلى 70%، داعيًا في الوقت نفسه إلى ضرورة تلقي الفئات المستهدفة للجرعة الثالثة من اللقاح باعتبارها "الحل الأمثل" لمواجهة المتحور أوميكرون. وأضاف الهنائي أنه لا داعي للذعر من "أوميكرون"، لكن الحذر واجب عبر التقيد التام بالإجراءات الاحترازية. وردًا على توقع إحدى الشركات المصنعة للقاحات بانحسار الجائحة بحلول عام 2024، اعتبر الهنائي أن الشركات الربحية ليست مصدرًا معتمدًا لاستشراف مستقبل الجائحة، غير أن المُبشر في الأمر أن هناك مؤشرات إيجابية على تراجع خطورة فيروس كورونا مع التوسع في التطعيمات، مشددًا على أن اللقاحات أكثر فعالية وأمانًا من الأدوية في علاج "كوفيد-19".

وإلى نص الحوار..

 

◄◄ نود منك توضيح معنى التحوّر الفيروسي، وهل يتحور الفيروس بفعل فاعل؟ وهل الفيروس ذكي ويفكّر ويخطط لمواجهة اللقاحات وأجهزة المناعة؟!

الفيروس ليس له عقل أو تخطيط، ويعمل تمامًا على الفطرة، وبدون تفكير، كما إن التحورات تحصل دائمًا في كل مرة يتكاثر فيها الفيروس، وهي ناجمة عن  أخطاء في نسخ الحمض النووي للفيروس، ممكن أن نقول أنها عشوائية وفي أغلب الأحيان لا تفيد الفيروس أو قد تضره وتختفي. لكن من وقت لآخر يطرأ تحور، أو عدة تحورات مجتمعة تعطي الفيروس ميّزة كأن يتكاثر بسرعة أكبر، أو يتفادى المناعة، وهنا تنشأ سلالة جديدة أكثر انتشارًا من السابقة، فتحل مكانها. طبعًا إذا لم نسمح للفيروس بالانتشار والتكاثر، فستقل فرصه في التحور.

 

◄◄ ما المستجدات العلمية المُكتشفة بشأن المتحور أوميكرون؟

هناك مستجدات علمية وضحت الصورة في أمور كثيرة بالنسبة للمتحور أوميكرون. أولًا من الواضح أنه سريع الانتشار، والآن يحل مكان سلالة دلتا في عدة دول، فيبدو واضحًا بأنه سيكون المتحور السائد حول العالم في الفترة القادمة. كذلك اتضح أن هذا المتحور يصيب الأشخاص حتى لو كانت لديهم مناعة مسبقة، فالمتعافي من إصابة مسبقة تقدر حمايته من الإصابة بـ20% فقط، والحاصل على جرعتين من اللقاح تكون حمايته من الإصابة حوالي 30- 35% فقط. لكن الحماية من الإصابة الشديدة (والتي تستلزم التنويم في المستشفى) ما زالت جيدة، والدراسات الأولية تشير إلى أنها تبلغ 70% للحاصل على جرعتين من اللقاح. والمُبشّر في الأمر أن الجرعة الثالثة ترفع مستوى الحماية بشكل ممتاز، وبالتالي لدينا إجراء سهل وبسيط في الجرعة الثالثة لمواجهة هذا المتحور.

وتبقى التساؤلات حول حدة الإصابات بأوميكرون مطروحة للبحث؛ حيث يبدو أن المناعة المسبقة قللت من حدة الإصابات بهذا المتحور، لكن ينبغي أن نُدرك أنه ما زالت هناك حالات تنويم كثيرة ووفيات من بين الإصابات، ويجب أن نتخذ كل الإجراءات لحماية الجميع.

 

◄◄ منظمة الصحة العالمية قالت إن المتحور يتفشى بصورة أكبر بين الحاصلين على اللقاح.. هل يعني ذلك أن اللقاحات المطروحة حاليًا باتت غير قادرة على مواجهة المتحوّر؟

ما زال الحاصل على اللقاح يتمتع بحماية أفضل من الشخص الذي لم يطعم، لكن قدرة الجرعتين من اللقاح على وقف انتشار الفيروس تراجعت، وبالتالي بات من المهم تعزيز المناعة ضد الفيروس بالجرعة الثالثة.

 

◄◄ إذا كان المتحور الجديد لا يسبب سوى "أعراضًا خفيفة".. فما الداعي من حالة الذعر العالمية؟

هناك إصابات شديدة عدة بهذا المتحور الجديد، ولم يثبت بعد أنه أقل خطورة من غيره، لكن في نفس الوقت يبدو أن المناعة المسبقة تقلل من نسبة الإصابات الشديدة من بين مجمل الإصابات. وبالتالي لا يوجد ما يدعو للذعر، لكن نقول الحذر واجب وعلينا أن نفعل ما بوسعنا ليتحلى الجميع بأعلى قدر من الأمان.

 

◄◄ هل تتوقع إنتاج لقاح جديد لمواجهة أوميكرون؟ وكم تُقدّر المُدّة المستغرقة لإنتاجه؟

هناك شركات تعمل على تجديد اللقاح لمواجهة هذا المتحور تحديدًا، لكنّ هذا العمل سيستغرق عدة أشهر، وقد لا نحتاج إليه وقتذاك. إلا أنه يمكن القول إن الجرعة الثالثة هي الحل الأمثل حاليًا، وأنصح الجميع بأخذها دون تأجيل طالما تنطبق عليه الشروط (سن 18 فما فوق، ومرور 6 أشهر على تلقي الجرعة الثانية)، فهذا المتحور ينتشر بسرعة كبيرة ولا ينتظر.

 

◄◄ شركة فايزر الأمريكية توقعت بدء انحسار الجائحة في 2024.. أليس ذلك نكوصًا على التوقعات السابقة بأنها ستنتهي في 2022؟

الشركات الربحية ليست مصدرًا معتمدًا لمعرفة مستقبل الجائحة، ولا أحد يعرف حقيقةً متى سنتحسر الجائحة بالتحديد، لكن الحمدلله هناك مؤشرات إيجابية تتمثل في أنّ الخطورة تتناقص بشكل كبير مع حصول الناس على التطعيم، والذي أظهر فعالية حقيقية أمام جميع المتحورات حتى الآن. وبالتالي رغم أننا نتوقع استمرار انتشار الفيروس لمدة طويلة، إلا أنه في نفس الوقت نتوقع تناقص خطورة الإصابات مع انتشار المناعة.

 

◄◄ من الناحية العلمية.. ما النهاية المتوقعة لفيروس تنفسي ينتقل بالهواء ويتحوّر كل حين؟

ينتشر في العالم عشرات الفيروسات التنفسية الواسعة الانتشار، مثل الإنفلونزا وRSV وAdenovirus وParainfluenza وEnterovirus وغيرها، وأنواع أخرى من فيروسات كورونا كذلك، هذه الفيروسات لا تختفي، لكن تقل خطورة الإصابات مع انتشار المناعة. وأحد الاحتمالات المتفائلة أن يصبح فيروس كوفيد-19 شبيه بفيروسات كورونا الأخرى في المستقبل، التي تسبب نزلات برد خفيفة فقط، لكن لا يمكن ضمان حدوث ذلك مستقبلًا، والله أعلم.

 

◄◄ هل يُمكن إعلان عجز العلم أمام مواجهة هذا الكائن غير الحي وأن التقدم التكنولوجي في قطاع الصناعات الدوائية لم يكن على مستوى التوقعات؟

لا.. فقد تفشت هذه الجائحة بينما الإنسانية وصلت لأعلى مستوى من التقدم العلمي على مر التاريخ، وتحققت إنجازات كبرى، مثل تجهيز لقاح آمن وفعّال وباتباع جميع خطوات السلامة في زمن قياسي لم يُسجل من قبل. وبالتالي نحمد الله على جهود العلماء وما قدمه العلم في هذه الجائحة. كما إن الكشف عن سلالة أوميكرون وتحديد وسائل فعالة لمواجهتها في أقل من شهر، يمثل إنجازًا غير مسبوق. ولا شك أن هناك نجاحات طيبة للغاية حققها العلم والعلماء، وشخصيًا أعتبرُ العلماء من الأبطال الحقيقيين في هذه الجائحة، وأكنُ لهم كل الاحترام والتقدير. وما زال هناك مجال كبير لتطوير العلوم، وتقديم حلول علمية أفضل. وهنا علينا أن نتذكر قوله تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا".

 

◄◄ لماذا لم يتم حتى الآن إنتاج دواء مضاد للأعراض التي يسببها مرض "كوفيد-19"؟ ولماذا الإصرار على إنتاج لقاحات؟

أُجريت آلاف الدراسات على مئات الأدوية لعلاج كوفيد-19، ونتج عنها بعض العلاجات الفعّالة، لكن تبقى هناك نواقص؛ فالأدوية ذات الفعالية العالية كالأجسام المضادة، أو عقار شركة فايزر، وكلاهما يُنتجان بتكلفة باهظة الثمن، كما إن هذا الدواء يجب أن يُعطى للمريض في بداية الإصابة، عندما تكون الأعراض خفيفة؛ حيث إنه لا يُفيد كثيرًا عندما تصل حالة المريض للتنويم في المستشفى، وهناك علاجات تُعطى للمريض المنوّم وتحقق فعالية، لكنها ما زالت محدودة. في المقابل، نجد أن اللقاحات آمنة وذات فعّالية ممتازة، وبالتالي على الجميع أن يرفع شعار "درهم وقاية خير من قنطار علاج".

تعليق عبر الفيس بوك