جدوى فنية واقتصادية لاستخدام الأنظمة الكهروضوئية على أسطح المباني

دراسة بحثية: الطاقة الشمسية الحل الحيوي والاستراتيجي لتوفير الكهرباء في السلطنة

◄ الباحثة مريم النوفلية: "مستقبل واعد جدًا" للاستثمار في الألواح الكهروضوئية بصحار

مسقط- الرؤية

أجرت الباحثة مريم بنت أحمد بن يوسف النوفلية، المحاضرة بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بشناص، والحاصلة على  الماجستير في الطاقة المستدامة من جامعة جلاسكو بإسكتلندا، دراسة بحثية عن موضوع توليد الطاقة الكهربائية باستخدام نظام شمسي متصل بالشبكة بولاية صحار، وذلك بعنوان "الجدوى الفنية والاقتصادية لاستخدام أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية على أسطح المباني"، بهدف وضع آليات ابتكارية تساعد على التقليل من ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء الصادرة المتأثرة بإعانات الدعم الحكومي، وذلك بتمويل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

وقالت المهندسة مريم النوفلية إن الدراسة البحثية تهدف إلى إيجاد نموذج تقني واقتصادي شامل يقيّم الجدوى التقنية والمالية والنمو المستدام لمختلف المنظومات الشمسية في سلطنة عُمان، وإلى وضع معايير لنهج تطوير نموذج تقني اقتصادي شامل، وتضيف هذا لن يتحقق إلا من خلال اختيار تكنولوجيا الألواح الكهروضوئية الشمسية المناسبة لتنفيذ المشاريع الصغيرة لتوليد الطاقة الكهربائية وفقا للظروف المختلفة السائدة في سلطنة عُمان، وتطوير نموذج برمجي للتحليل التقني والاقتصادي، وتحديد التكوين الأمثل والأنسب للنظام الكهروضوئي المتصل بالشبكة، وتقديم توصيات بشأن التطورات المستقبلية، ودراسة إمكانيات مصادر الطاقة المتجددة في السلطنة وكيفية تعزيز ودعم نمو موارد الطاقة المتجددة.

وأكدت النوفلية أهمية هذا المشروع البحثي، سواء في الوقت الراهن أن مستقبلًا؛ حيث تعتمد سلطنة عمان اعتمادا كليا على الوقود الأحفوري كالديزل والغاز الطبيعي في إنتاجها للطاقة الكهربائية. وقالت: "هذه المصادر من المصادر الناضبة ولها تأثير سلبي مباشر في التلوث الهوائي، وتكوين ظاهرة الاحتباس الحراري على الأرض والناتجة عن حرق الوقود العضوي، إضافة الى أن زيادة عدد السكان جنبا إلى جنب مع المناطق الصناعية في المدن مثل صحار والدقم وصلالة والبنية الأساسية للطاقة والنفط والغاز، تعد من الأسباب الرئيسية التي أدت الى نشر التوعية وتوجيه الاهتمام والمشاركة الفاعلة في عملية إنتاج الطاقة المتجددة، وهو ما يمكن أن نسميه بالجانب الإيجابي للمشاركة في نشر مشاريع الطاقة الشمسية، إضافة الى ذلك الانخفاض الكبير لأسعار النفط بعد ظهور الأزمة الاقتصادية في عام 2015، وكل هذه الأسباب أدت إلى أن تقوم سلطنة عمان بتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة والتقليل من الاعتماد الكلي على المصادر التقليدية".

وأوضحت أنه من هنا برزت أهمية الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية كمصدر للطاقة النظيفة مما يساعد على تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحد من التقلبات المناخية، ولذلك تعد الطاقة الشمسية هي الحل الحيوي والاستراتيجي لتوفير الطاقة الكهربائية في سلطنة عمان، وبالنظر إلى الأراضي الواسعة غير المستغلة وموارد الطاقة الشمسية المتاحة فإن سلطنة عمان لديها إمكانات ممتازة لتطوير الطاقة الشمسية والتوسع فيها، فالطاقة الشمسية خيار قابل للتطبيق محليا، فهي لا تلبي الحاجة المتزايدة لتنويع مصادر الطاقة فحسب؛ بل أيضا أنها ستساهم في التنويع الاقتصادي وإيجاد فرص عمل للشباب العماني.

وتضيف الباحثة: "على مدى العقود الماضية أدت مختلف تقنيات تسخير الطاقة الشمسية إلى زيادة معدل النمو في قطاع الطاقة، ولقد أثبتت التقنية الكهروضوئية أنها مصدر قيّم للطاقة المتجددة بسبب انبعاثاتها الصفرية وتشغيلها بشكل كامل وموثوقيتها العالية للغاية في المواقع المشمسة، ولقد انخفض سعر المحطة الشمسية منذ القرن التاسع عشر، حيث انخفضت تكلفة الطاقة القصوى من عام 1990 إلى 2016 من 8 دولارات أمريكية لكل واط إلى 2 دولار أمريكي لكل واط. وأشارت الباحثة إلى أنه يمكن تصنيف المنظومات الشمسية الى عدة أنواع من أهمها: منظومة شمسية مستقلة، ومنظومة شمسية متحركة، ومنظومة مربوطة مع الشبكة، ومنظومة هجينة طاقة شمسية وطاقة رياح، كما يجب أن يتم تثبيت هذه الأنظمة وتشغيلها بعناية وفقا لمعايير الشركة المصنعة من حيث السلامة والتركيب، موضحة أن الطاقة الشمسية في سلطنة عمان في وضع تصاعدي نتيجة المشاريع الحالية التي تنفذ في كل من القطاع الحكومي والخاص، كما إن الاهتمام المتزايد من قبل الحكومة أحدث طفرة في هذا المجال، إضافة الى الموقع الجغرافي الذي أعطى ميزة الإمكانات العالية لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية، وذلك بسبب المناخ الذي تتمتع به السلطنة؛ حيث إنه يتيح حوالي 342 يوم سماء صافية سنويا، وقدرت الدراسات السابقة إنه إذا تم استخدام 10% فقط من الأراضي العمانية لإنتاج الطاقة الشمسية يمكن أن تنتج إجمالي الناتج السنوي للكهرباء بحوالي 7.6 مليون واط في الساعة، وهو حوالي 680 مرة من الطلب على الكهرباء في السلطنة في عام 2017. وبينت المهندسة مريم النوفلية أنه بات بالإمكان تركيب منظومات شمسية مربوطة مع الشبكة من خلال استغلال المساحات المتوفرة على أسطح المباني السكنية والتعليمية، وكذلك الأراضي غير المستغلة حول هذه المباني.

ويبحث هذا المشروع البحثي في دراسة الجدوى التكنولوجية والاقتصادية لاستخدام نظام كهروضوئي بقدرة (1.4) كيلوواط مثبت على سطح مبنى قسم الهندسة بجامعة صحار،  حيث تم استخدام برنامج حاسوبي يسمى هومر (HOMER) وهو منتج برمجي متوفر في السوق لتسهيل تحليل عملية توليد الطاقة المتجددة وتفاعلاتها مع الشبكة حيث  تم من خلاله محاكاة النظام المصمم لتقييم إنتاجية النظام الكهروضوئي المتصل بالشبكة فضلا عن الجدوى الفنية والاقتصادية وذلك من خلال قياس معدلات شهرية لحساب الطاقة الشمسية باستخدام بيانات أحد الأقمار الصناعية الخاصة بوكالة ناسا، ولقد أظهرت نتائج هذا التقييم على أن الاستثمار في نظام الألواح الكهروضوئية في ولاية صحار له مستقبل واعد جدا؛ حيث كانت نتيجة عائد النظام هي (1923.6) كيلوواط ساعة(kWh) في السنة، ومن ناحية أخرى اتضح أن عامل السـعة لنظام الطاقة الكهروضوئية بإسـتخدام النموذج هو (21.7%) وهذه القيمة العددية التي تم الحصول عليها من هذه الدراسة قابلة للاستخدام في مشاريع مماثلة في المنطقة، وفي نفس الوقت بلغت تكلفة الطاقة المولدة للنظام (0.146) دولار أمريكي/ كيلو واط في الساعة؛ أي ما يعادل (0.056) ريال عماني في الكيلوواط في الساعة.

وتوصلت الدراسة- التي أجريت وبحثت إمكانية تفعيل تقنية الطاقة الكهروضوئية على سطح الجامعة- إلى أن استرداد رأس الجدوى الاقتصادية لاستخدام هذه المنظومة  سيستغرق مدة تصل إلى 4 سنوات فقط بحسب أسعار الطاقة السائدة، وأسعار تقنية الطاقة الكهروضوئية حيث تعتبر هذه النتيجة مجدية إقتصاديا، ومع ذلك من أجل إنشاء سوق لتكنولوجيا الألواح الكهروضوئية في سلطنة عُمان، فهناك العديد من التحديات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية بحاجة الى حلول ملائمة. 

وعن أبرز النتائج لهذا المشروع البحثي، قالت المهندسة مريم النوفلية إن هذا المشروع البحثي خرج بعدة مخرجات منها: تقييم تقني واقتصادي لإمكانات الطاقة الشمسية في سلطنة عمان مما سيؤدي إلى انتقال استراتيجي للطاقة من النفط والغاز إلى مصادر الطاقة المتجددة، حيث يتعين على شركات الكهرباء في سلطنة عمان أن تدعم استخدام الطاقة المتجددة، فهذا الدعم من شأنه أن يفيد الشركات في حال انخفاض الطلب على الطاقة، والتقليل من عدد المحطات الجديدة المركبة وتقليل الحمل على هذه المحطات وبالتالي زيادة عمر المولدات وخفض تكاليف الصيانة، وأضافت المهندسة مريم: يجب توسيع عينة الدراسات التي أجريت لتشمل عددا أكبر من المؤسسات التعليمية، وذلك من أجل نشر الوعي بمزايا هذه التكنولوجيا، وكذلك من أجل إيجاد حلول أكثر فعالية، وتعزيز مزايا النظام للطلاب وإشراكهم في أنشطة الصيانة ليخلق معهم شعور الانتماء للبرنامج.

تعليق عبر الفيس بوك