الموهبة خط فاصل

 

تهاني السنانية

 

يخلط الكثير من الناس بين مفهوم شاعر ومفهوم شويعر ومفهوم مستشعر، وفي الشعر ثمة تمييز بين إجادة النظم، أي صنعة النظم، وإجادة الشعر، فقد يكون البعض مُجيداً في النظم، على قواعد الخليل بن أحمد الفراهيدي، دونما عيب أو زحاف، أو علة، لكنه فقير الشاعرية، لا بل معدومها، ومثل هذا يقال له (ناظم) أو (نظّام) ولا يُقال له شاعر، فجوهر الشعر ليس النظم، ولا هندسة الكلام، ولا إيقاعه، وإنما الخلق الشعري عبر الصورة الشعرية.

الناظم حرفي جيِّد، هو كالحداد الجيد الذي يُحسن التعامل مع الحديد، لكنه ليس نحاتاً، وهو كالخزاف الذي يجيد صنع قطعة الخزف، لكنه ليس فناناً تشكيلياً، الأول حرفي، والثاني فنان، والفرق بين الاثنين، أن الأول يتوقف عند إتقان المهنة التي تؤدي لغايات معينة يحددها الاستعمال، والثاني يبحر في عالم الابتداع والتصور، وإعادة تشكيل الأشياء برؤية ذاتية خلاقة، مُتميزة، تحوّل الحديد وقطعة الفخار، من قيمة استعمالية إلى قيمة جمالية.

الشاعر هو الشخص الذي يستطيع أن يصور مشاعره أو مشاعر وأحاسيس اصطناعية بأجمل صورة متقيداً بشروط الشعر وأركانه وهي :(الوزن والقافية والعاطفة والصورة البلاغية) الشاعر هو الذي يستطيع كتابة القصيدة بشكل متكامل في وقت قياسي دون عناء أي أنه شاعر بالفطرة، أو مطبوع، بعكس الشخص الذي يتكلف كتابة الشعر فتخرج قصيدته متكلفة وأحاسيسه مصطنعة ومعانيه باهتة بسبب تكلفه وكثرة زخرفته. شويعر هو من وجهة نظري أنه مشروع شاعر أي شاعر في بداية المشوار أو شاعر ولكن مستواه أقل من الشاعر الناضج أو كما يقال أقل من (البحر) في الشعر حيث إنه في الغالب يكتب قصائده كأحاسيس بغض النظر عن الصور والبلاغة ولكنها موزونة ومقفاة وتوجد بها عاطفة ومتى ما نقصت هذه الشروط فتعتبر القصيدة (هذر لا فائدة منه) ولا يندرج تحت مسمى الشعر .

المستشعر هو الشخص الذي يحاول جاهداً أن يقحم نفسه مع الشعراء وذلك بأن يكتب قصائد خالية إما من الوزن أو العاطفة أو القافية أو الصور أي أنه أخل بالأركان وباعتقادي يجب أن يصارح مثل هؤلاء الناس بأنهم ليسوا بشعراء حتى لا يضيعوا أوقاتهم بشيء لا يفيدهم ومن المؤسف أن يكتشف الشخص منِّا أنه ليس بشاعر بعد أن قضى وقتاً طويلاً كان يعتقد فيه أنه شاعر.

أخيرًا.. لكي تكون شاعراً عليك بتقديم منجز شعري، وليس ثمة من يُخطئ في كون الشعر شعراً أم لا، ولكن ثمة من يختلف في تقييم هذا الشعر.

تعليق عبر الفيس بوك