ميثاقي مع الله "حجابي"

 

خالصة بنت علي السليمانية

حين تصل الأنثى إلى مرحلة البلوغ تحدث تغيرات كثيرة في جسدها والأمر الآخر أنها تصبح أنثى تُحاسب على كل أفعالها وأقوالها لذلك يجب أن تقف عند حدود الله ولا تتعداها.

أتذكر وربما الكثير منِّا يتذكر حين كانت أمهاتنا ترمقنا بنظرات حادة لمُجرد أننا لم نغطي شعرنا ولا صدرنا بالحجاب على الرغم من أننا في البيت، كان هذا الأمر يتكرر كثيرًا وخاصة حين يجتمع معنا إخوتنا الشباب كنَّا نعتقد أنَّ أمهاتنا متشددات في توبيخنا على أمر ليس بذلك الحجم أو الأهمية حين كبرنا فهمنا الأمر أن أمهاتنا كنَّ يهيئننا على الانضباط أو التمسك بالحجاب حين نخرج إلى العالم الكبير العالم الفوضوي الذي تحول بسبب تجاوزات الإنسان.

قد ترد بعض الفتيات بأننا نلبس الحجاب ولكن هل هذا الحجاب الذي تلبسينه راعى كل الضوابط الشرعية الخاصة به يقول الله تعالى : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) سورة النور، وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة الأحزاب.

حين نسمع أو نقرأ هذه الآيات يتبادر إلى ذهننا أين كلمة حجاب في سياق هذه الآيات الكريمة؟ هنا يأتي دور المضللين المرتزقة ليدسوا السم وينفثوه في عقول النَّاس، هم يتحدثون ويكتبون عن هذا وذاك باسم الدين، هؤلاء تعلموا ويملكون من العلم والمعرفة ليصيغوا أباطيل يوهمون النَّاس بعدها أنها الصواب، وللأسف هؤلاء زيّفوا الحقيقة هم فشلوا في تطبيق العلم والمعرفة للقرب من الله فانعطفوا إلى مسار آخر، قال تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) سورة النور. وتفسير الآية يقول: إنَّ الأمر الإلهي في الآية جاء للنساء المُؤمنات بضرب الخُمُر على الجيوب، والخُمُر: جمع خِمَار، وخمار المرأة في لغة العرب هو مَا يُغطِّي رَأْسها، قال العلامة الفيومي في "المصباح المُنير" (مادة خمر): [الخِمار: ثوب تغطي به المرأة رأسها، والجمع خُمُر]، والجُيُوب: جمع جَيْب، وهو الصدر. فجاء على غاية ما يكون وضوحًا في بيان المقصود؛ فإنَّ التعبير بضرب الخمار على الجيب: يقتضي ستر الشعر والعنق والنحر، والعدول عن التعبير بضربه على الوجه إلى الضرب على الجيب يقتضي في الوقت نفسه كشفَ الوجه، وهذا مِن أبلغِ الكلام وأفصحِه، وأبينِه وأوضحِه، ولا أظن أنَّ هناك أبلغ من معاني اللغة العربية ومفرداتها فلنتدبر قليلاً.

أمر آخر لهؤلاء المرتزقة، نساء يدّعين العلم والمعرفة يقُمن بعمل محاضرات مشبوهة؛ ولأنَّ فلانة ذات صيت تحتشد حولها فتيات، حين يسمعن الحديث يخرجن من المحاضرة بأفكار غريبة تربك الفكر والعقل، فتبدأ الواحدة منهن بالتأرجح في قراراتها ومعتقداتها في الحلال والحرام على الرغم من قطعية الأحكام في شرع الله وغيرها من الأفكار التي تنتشر عبر التواصل الاجتماعي.

حديثي في هذا المقال عن الحجاب وما آل عليه في هذا الوقت الراهن، أتحدث إلى الفتيات بمنطق الأمر الذي يشدهنَّ أو يجذب انتباههن بما أنهن وضعن غشاوة في قلوبهن عن آيات القرآن الكريم ألا يجب أن نتساءل لماذا تتحجب وتحسن في ارتداء الحجاب الممثلات اللاتي اعتزلن التمثيل؟ لماذا الكثير من النساء اللاتي دخلن في الإسلام حديثاً يتمسكن بالحجاب أكثر من تلك التي وُلدت وهي مُسلمة وتحجبت منذ بلوغها سن الرشد؟

الجواب هو: القرب من الله ومعرفته حق المعرفة ولا أعتقد بل ولا أشك أن هناك سببا آخر وإن كان فهو تابع لهذا السبب. لا أتحدث الآن عن التي خلعت حجابها، فهذا أمر أمرّ وأعظم، ولكن أتحدث عن بعض الفتيات اللائي لم يخلعن الحجاب ربما السبب الأهل أو المُجتمع أو غيرها من الأسباب، أتحدث عن تلك التي تُخرج نصف شعرها ولم تستر نحرها، لا أعرف من تُرضي بهذا الأمر؟ ضميرها أم مُجتمعها؟! هذا الأمر أصبح شائعًا في مُجتمعنا، والمصيبةُ الأدهى أنَّ الأب والأخ والزوج يرافق تلكم الفتيات في الأسواق وغيرها من الأماكن العامة وكأن الأمر أصبح عاديًا.

أختي العزيزة لن ينفعك زوجك ولا أبوكِ ولا أخوك حين تمتثلي أمام ربك ويسألُكِ عن هذا وذاك التغيير يبدأ منكِ أنتِ وحدكِ.. أختي العزيزة أذّكِر نفسي أولاً وأذكِّركِ أنَّ الموضة هوّس يقضي على العفة والحشمة إن لم تكن هذه الموضة واقفة على حدود الله.. أختي العزيزة الدين هو من أعطاكِ الحقوق كاملة فكيف نخون من انتزع حقوقكِ من براثن الجاهلية؟

ألا يستحق أن ننصر الدين بهزيمة مروعة للأعداء بالالتزام بالعفة والحشمة ونحن أساسها.

وأخيرًا نحن في زمان تحاصرنا الفتن، فلنتدارك أنفُسنا قبل الرحيل.

تعليق عبر الفيس بوك