الاحتفال بالإنجازات

 

من سيارة "همر" في أمريكا إلى شاحنة "كروة" في عُمان

د. حمد بن سعيد الرحبي

Oman99433@gmail.com

 

من حُسن الطالع أن يتزامن تدشين سيارة "همر" الكهربائية المتطورة في الولايات المتحدة الأمريكية مع تدشين أوَّل حافلة من إنتاج شركة "كروة للسيارات" المتخصصة في تصنيع وتجميع الحافلات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم التي تحمل العلامة التجارية "سلام" وعبارة "صُنِع في سلطنة عُمان.

التدشين في أمريكا والتدشين في عُمان تمَّ في توقيت متقارب خلال منتصف شهر نوفمبر الماضي وكم.. وكم كنت سعيداً عندما رأيت أول تصنيع لشركة سيارات يتم في بلادي ولكن هناك فرق شاسع في الاحتفال بهذا الإنجاز فالتدشين لسيارة همر الكهربائية في أمريكا تمَّ عن طريق الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال رحلته التفقدية إلى مصنع "جنرال موتورز" للسيارات وقام الرئيس الأمريكي بنفسه بقيادة السيارة وتجربتها ليقول للعالم أجمع إن أمريكا حاضرة وبقوة أيضاً في صناعة السيارات وليُوجه رسالة إلى الداخل الأمريكي لتعزيز ثقة المستهلك الأمريكي بمنتجات وصناعات بلده.

الغريب أنّه في بلادي لم يتم الاحتفال بهذا الإنجاز الكبير وإنما نشر فقط تقرير إخباري في قناة السلطنة وخبر صحفي في الجرائد.. لماذا؟ مع أن هذا الحدث يحمل أول عبارة "صنع في سلطنة عمان" في مجال السيارات.

والأكثر غرابة أنه تم تدشين أو افتتاح العديد من الإنجازات الكبيرة في السلطنة خلال الفترة الماضية ولكن بدون احتفال بهذه الإنجازات على سبيل المثال مركز السلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان الذي بدأ التشغيل التجريبي واستقبال المرضى في منتصف شهر يوليو الماضي والذي يعد من أهم المراكز لبحوث وأمراض السرطان في منطقة الشرق الأوسط.

ومثال آخر أيضاً طريق الشرقية الذي يعد من أهم الطرق وبه أكبر نفقين تم بناؤهما في السلطنة بتكلفة بلغت أكثر من 125 مليون ريال عُماني للمرحلة الأولى، وتم تدشين المشروع وأيضًا بدون احتفال بهذا الإنجاز الكبير.

وقبل أيام مضت قرأت خبراً أثلج صدري وهو أنَّ جهاز الاستثمار العماني دشن 13 مشروعًا وطنيًا عبر شركاته التابعة له؛ حيث تقترب القيمة الاستثمارية للمشاريع من 3 مليارات و500 مليون ريال عماني، وتتوزع على مجموعة من القطاعات هي الطاقة واللوجستيات والأمن الغذائي والصناعة التحويلية والتعدين والخدمات الصحية والسياحة ومن أبز هذه المشاريع: مجمع لوى للصناعات البلاستيكية في ميناء صحار، ومشروع منشأة فحم الكوك البترولي في المنطقة الحرة بصحار ومشروع المروج للألبان وميناء خزائن البري الذي يُعدّ أول ميناء بري يقع داخل مدينة خزائن الاقتصادية، ومشروع شركة أحجار للتعدين في ولاية لوى ومشروع مستشفى عُمان الدولي ومشروع منتجع نسيم – دوسيت2 في الجبل الأخضر أكثر من 250 غرفة وجناحاً فندقياً.

مشاريع كبيرة ومهمة تم افتتاحها وتدشينها ولكن أيضاً بدون احتفال بهذه الإنجازات ناهيك عن بقية الإنجازات التي تتحقق في قطاعات مختلفة والتي يحققها شبابنا في المحافل الدولية ويحصلون على أعلى المراتب والجوائز والتي تستحق الاحتفال والإشادة.

قد يتساءل البعض لماذا نهتم بالاحتفال بالإنجازات ويردد العبارة الشائعة: "نحن نعمل في صمت"، فنقول له ليس كل الصمت محمودًا، فبعض الصمت مذموم، وهذه إنجازات دولة وليست إنجازات شخص بعينه يجب أن تظهر وأن يعرفها كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة؛ فالمواطن أكثر ما يهمه النتائج والإنجازات وثمار الخطط والرؤى، أكثر من الخطط نفسها؛ بل إنَّ الاحتفال بهذه الإنجازات وإظهارها يعزز ثقة المواطن بالحكومة ويعزز لديه الهوية العمانية والشعور بالولاء والانتماء للوطن في ظل العهد المتجدد الزاهر بقيادة السلطان هيثم بن طارق أيده الله بنصره وتوفيقه.

وختامًا.. أود أن أقدم شكري وتقديري إلى جهاز الاستثمار العماني الذي بدأ بخطوة صحيحة ومهمة في أنه نجح خلال الفترة الماضية في تعزيز استثماراته الدولية عبر دخوله في 20 استثمارًا جديدًا بقطاعات متنوعة من بينها الاستثمار في تقنيات الفضاء. وأيضا تهنئة لكل من الشيخ أيمن الحوسني الرئيس التنفيذي لمطارات عُمان لتعيينه رئيسًا للمجلس العالمي للمطارات لمدة سنتين، وللكاتبة جوخة الحارثية لفوزها بجائزة الأدب العربي في فرنسا عن روايتها "سيدات القمر"، وللشاعرة بدرية البدرية لفوزها بجائزة كتارا لشاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- كونها أول امرأة في تاريخ جائزة كتارا تفوز بلقب شاعر الرسول.

تعليق عبر الفيس بوك