هواتف في غرف النوم!

 

مدرين المكتومية

نصيحة أوجهها للجميع: لا تدخلوا هواتفكم إلى غرف النوم، لا تجعلوا هذه الغرف مليئة بضجيج الآخرين، وأحداث العالم، اتركوا لأنفسكم مساحات للعيش بعيدًا عن كل تلك التفاصيل التي يحملها ذلك الجهاز الصغير.. فمن غير المعقول أن يعيش المرء على مدار الساعة وفق ما يمليه عليه العالم، ووفق ما يحمله هذا الجهاز في داخله من رسائل تنتظر الرد أو على الأقل قراءتها!

صحيح أن الهاتف اختصر علينا الكثير من الوقت والزمن، اختصر علينا أشياء كثيرة، استطعنا من خلاله أن نصل للعالم بضغطة زر، لكنه أخذ منِّا ما أخذ، وسرق منِّا لحظات جميلة، حتى تلك الرسائل التي كانت تصل إلينا ممن نحب أصبحت قوالب جاهزة نبعث بها لأي شخص في الوقت الذي نريد وتصل للمكان الذي نريد في ثانية.

دعونا نتعلم درسا صغيرا من الحياة، هو أن نترك الهاتف قبل أن نخلد للنوم بساعة على الأقل، دعونا نتفرغ لأنفسنا، نحاسب أنفسنا، نتسامر مع ذواتنا في كل شيء، نخلو مع أنفسنا أيضا، لا نسمح لهاتف صغير أن يشاركنا تلك المساحة البسيطة، لا نسمح له أن يسرق بعضاً من اللحظات التي ادخرناها لأنفسنا، علينا أن لا نسمح لأي أحد أن يجدنا في توقيت مُعين، على الأقل ما قبل النوم، فهو المساحة الحقيقة التي يعيشها الشخص مع نفسه.

فالتواصل مع العالم على مدار الساعة هو أمر صعب جداً ومؤذٍ نفسيًا، ومهلك أن تكون متابعاً للجميع دون استثناء، فكل جهات الاتصال معك هي على موعد مع هاتفك، وربما هذه المواعيد قد تسبب لك إزعاجا أنت في غنى عنه، وهناك أيضا أمر يحتاج لإعادة نظر، وهو أن الشخص لا يمكن أن يكون متاحاً للآخرين طوال يومه، طوال ساعاته الـ24، فله حق وعليه واجبات، وليس من المنطقي أن يعيش الشخص حبيس جهاز صغير متناسياً حياته الأخرى والتي هي مفروضة عليه.

علينا أن نهرب لغرفنا الخاصة، التي لا نسمح لأي أحد بالدخول إليها، حتى هواتفنا فهي عبارة عن تكدس بشري مهما كانت مسمياتهم إلا أنهم أيضا يمثلون عبئاً من العراكات والنقشات التي قد تقلب مزاجك، وربما تسرق منك وقت راحتك، فتكتشف أنك أمضيت ساعات ليلك كله في نقاش لا حل له، فلم ترتح ولم يجد جسدك الراحة ولم يتوقف عقلك من التفكير.

 علينا أن نبتعد فترة قبل النوم عن الهاتف وتكون لدينا غرفنا الخاصة بنا، بحيث يكون لنا موعد مع ذواتنا قليلاً، بعيداً عن الواتس ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، علينا أن ننشغل بأنفسنا، أن نفكر بما تمَّ وما سيتم وما سيحدث، علينا أن نعيش قليلاً لأنفسنا، وعلينا أن نبحث عن السكينة ولا نسمح لأنفسنا بأن نكون متاحين للآخرين، خاصة وأن لا أحد في نهاية المطاف سيكترث لحياتك إن أصابك أي شيء.