ثوبُ حِداد

طيبة بنت ناصر الرمحية
 

 

في فجر يوم الإثنين عند الساعة الرابعة بدت السماء شاحبة تعلوها غيوم قاتمة وكأنها ستمطرُ بحراً من الدماء، أصبح المكان حالكًا أجهمًا، فناءُ منزلنا تجرد من هندامه الأبيض ليرتدي الأسود المُعتم

إحساس كان يراودُ قلبي،

 ليلة صماء، وعيون عمياء،

نهارُ أبكم لا ضياء ولا ضوء

 لا نور ولا قمر، آثارُ فقدٍ تنهش ثقوبِ جسديّ المُتهالك،

الحُزنُ أثقل كاهلي حتّى أحدودب جسمي وبات مُنعوجًا من شدة الاشتياق لك يبدو أنه أثقل مني، لا أجيد حمله، أود أن أمشي مرفوعة الرأس شامخة ولكن كل ما بي ينثني ثم ينحني تاركاً ظهري مقوسًا وكأنني عجوز هالك، لو كان بيدي لحطمت وكسرت، لنبشتُ كل ما بداخلي،

شيء ما يقف منتصبًا أمامي يمنعني، خراب سكن أحشائي على أمل أن يتلاشى فيعود كما كان

ملامح عارية وثوب ممزق

الشمس تنزفُ دموعٌ حارقة

هرعتُ مسرعة إليك

أُقبل رائحة وسادتك

حينها ظهرت علي ملامحُ الغياب

أبي لم تركتني هكذا وحدي بين الزحام

جالسة منعزلة وسط الأنام؟!

جميعهم يبحلقون بي

ولكن هل من لسان تنطق لهم الكلام؟!

ماذا لو أنك أشرت لي نهاية الدرب بالسلام؟

كيف لك أن تذهب عني بعيدا في وقت الظلام؟

ما ضر لو هاتفتني

حتى آتيك بقبلة قبل المنام

وأكون أنا التي أنهيتُ فصل الختام

كان حلمي أن تلامس أولى خيوط الضوء وجهك البراق

ولكني مُتيقنة أن الإنارة لا تقترب ناحيتك

لأنَّ المصدر أنت، جمالك الرباني مُقلق للغاية

وكثرة التمعن فيك تتسبب بألم

لوهلة سلمتُ نفسي لنومٍ أعمى

فإذا بطيفك حاضرٌ أمام ناظري وكأنه يقول لي

أنا هنا لم أرحل

باقٍ بجوارك لا تقلقي

أنا أحبك

رددتُ حينها وأنا مُتيمة بك حبيبي

شئت أم أبيت ستبقى لي وحدي ولن تكون لغيري

سنلتقي ثانية بجنة المأوى

أبي لم أحبك لأنك الأبهى

رغم أنك الأبهى

لم أعشقك لأنك الأوفى

رغم أنك الأوفى

أحببتك لأنك نصفي وكلي

لأنك روحي وعقلي وقلبي

أيا ليتني لم أتحرر من عناقك لي في تلك الليلة

ولم أقطع خيوط العنكبوت التي حبكت بداخل كفينا،

وددتُ لو أنني نسجتُ خيطاً أصلب وشبكتُ أيدينا معاً

يا رغبتي لو نمتُ بمحاذاتك ذاك اليوم وغفوتُ قبالة سطوع نور وجهك

 أتمعن ستائر عينيك وأذوب بداخل مُقلتيك

والله كم أنني رغبتُ بأن ألتحف بثنايا أضلعك وأدس نصفي بداخلك

لو أنني أخبرك كم أني عالقة بك وفيك

ليتك كنت بوصلتي

وربطة عنقي

ساعتي

ووجهتي

ملاذي

وقارورة عطري

فنجان قهوتي

نبيذي وشرابيّ القُرمزي

كم أبتغي أن أبرد فتُغطيني

أضل الطريق فتأويني

أفقدُ الحنان فتضمني

ماذا لو أنك دعوتني لأنام بجوف يديك؛لأحتمي

أرجوك خذني بقربك لأستكين

دعني أقبلُ ذاك الجبين

وعدًا مني سأحتضن اسمك بين اللهم وآمين

ليتني ارتديتُ الأبيض لهفة لرؤيتك في صباح الأحد

ولكن ها أنا أتوشحُ بالأسود

وأرتدي ثوب الحِداد بعدك

 ..............................................

 مكتوبٌ خطتهُ أناملي المُهترئة

إلى نبراس قلبي..

أميري..

حبيبي..

شاعري ومحبوبيّ الأول

أبي الغالي

تعليق عبر الفيس بوك