العلاقات العُمانية القطرية.. رسوخ وتطور

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

تتمتع العلاقات العُمانية القطرية بسمات وثوابت تاريخية متفردة جعلت منها أنموذجًا للتعاون المثمر بين قُطرين عربيين شقيقين يلتقيان في وحدة الثوابت والتراب والآمال والمصير، فقد عرفت هذه العلاقات أطوارا ومراحل تاريخية عديدة ومختلفة ودشنتها العلاقات الشعبية بين البلدين (الدبلوماسية الشعبية) والتي وثقت العلاقات الرسمية بين البلدين الشقيقين لاحقًا وطورت وعددت من أوجه التعاون بينهما.

كانت دولة قطر قبلة للكثير من العُمانيين في حقب الخمسينيات والستينيات من القرن المُنصرم؛ حيث توافد العمانيون على قطر لطلب الرزق والعيش الكريم نظرًا للظروف المعيشية الطاردة لهم في تلك الحقب التاريخية من تاريخ سلطنتنا الحبيبة والجاذبة لهم بدولة قطر، حيث تشكلت في قطر حينها نواة الدولة وشُيدت المؤسسات العصرية وتدفق النفط بصورة تجارية في عهد الشيخ علي بن عبدالله بن قاسم آل ثاني- رحمه الله- فشكلت تلك العوامل عناصر جاذبة للعُمانيين وغيرهم من الأشقاء العرب.

ثم أتى عهد الشيخ أحمد بن علي بن عبدالله آل ثاني- رحمه الله- ليستمر تدفق المزيد من العمانيين إلى دولة قطر الشقيقة طلبًا للرزق والعلم كذلك، وفي عهد الشيخ خليفة بن حمد بن عبدالله آل ثاني- رحمه الله- زاد إقبال العمانيين على دولة قطر الشقيقة طلبًا للرزق والتعليم والاستشفاء كذلك، ثم أتى عهد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لتتطور العلاقات الشعبية تلك وتؤطر بإطار العلاقات العصرية بين البلدين الشقيقين، حيث شهدت العلاقات بين البلدين الشقيقين طفرة ملموسة ووقع البلدان على العديد من الاتفاقيات الثنائية وتشكلت لجان عديدة مشتركة بينهما لتعزيز التعاون المُثمر بينها في جميع الأوجه وبلا استثناء.

تأتي زيارة الدولة اليوم لمولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى دولة قطر الشقيقة لتشكل حلقة وثيقة أخرى في سلسلة العلاقات المتينة والمتميزة بين البلدين وتضيف لبنات صلبة إلى البناء التراكمي للتعاون بينهما.

لم تشهد العلاقات الدبلوماسية بين الشقيقتين عُمان وقطر أي توتر أو انقطاع أو فتور منذ قيامها، فقد بُنيت هذه العلاقة الصلبة على قواعد دبلوماسية شعبية ممتدة الجذور بين الشعبين أوجدت بالنتيجة علاقات دبلوماسية رسمية صلبة ومبنية على الاحترام المتبادل والمحبة والتقدير بين الشعبين والحكومتين.

التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة في الإقليم والعالم اليوم تختلف عن سابقاتها في الكثير من العناوين والتفاصيل، الأمر الذي يوجب على البلدين مُواكبة هذه الخُطى المتسارعة واستثمارها بلغة العقل ومفاهيم العصر.

لا شك عندي بأنَّ قيادتي البلدين مولانا السلطان هيثم بن طارق وشقيقه صاحب السُّمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، يُدركان تمام الإدراك مقومات كلا البلدين وعوامل التكامل ومكامن المصالح بينهما، الأمر الذي سيشكل قفزة كبرى ونقلة نوعية للعلاقات بين البلدين في مجالات التنسيق والتشاور السياسي الدائم، والتعاون في مجالات الاستثمار المتبادل والمشترك، وميادين العمل والثقافة. بمقتضى الواقع والممكنات اليوم لن تكون الزيارة بروتوكولية ولا للمجاملة بل ستحمل الكثير من النفع والفوائد للشعبين والبلدين والحكومتين، وستشكل الزيارة نقطة انطلاقة تاريخية نحو التكامل والتعاون المشترك العميق بين البلدين نظرًا للجذور التاريخية للعلاقات بينهما والتي ستدفع بالنتيجة وتحفز على الاستمرارية في البناء والتطور والرسوخ؛ حيث ستصبح- في تقديري- العلاقات الثنائية العُمانية القطرية مثالًا يُحتذى في العلاقات الثنائية العربية- العربية باستعراض تاريخها ومراحلها وأطوارها ونموها التصاعدي الإيجابي على مر السنين.

وبالشكر تدوم النعم..