التبادل التجاري يتجاوز مليار ريال عماني.. والصادرات العمانية تستحوذ على 777.5 مليون

العلاقات العمانية القطرية.. تعاون وثيق يتعزز بالإرادة السياسية والمصالح الثنائية المشتركة

◄ توافق في الآراء والمواقف بين عُمان وقطر تجاه عدد من الملفات والقضايا

أدوار إقليمية ودولية مشهودة للدبلوماسية القطرية لنشر مظلة السلام

◄ أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المسال يستهدف زيادة الإنتاج إلى 110 ملايين طن سنويًا

 

الرؤية- مريم البادية

تمثل الزيارة التي سيقوم بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى قطر الشقيقة، اليوم الإثنين، محطة مهمة في مسيرة العلاقات الثنائية بين عُمان وقطر، وهي الزيارة الثانية لجلالته منذ توليه مقاليد الحكم.

وتكمن أهمية الزيارة في استهدافها لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي علاقات راسخة ووطيدة، وتتسم بالتميز على الأصعدة كافةً، وترتكز على التعاون المشترك الذي يحقق مصالح البلدين في مجالات عديدة. ولدى كل من القيادتين في سلطنة عُمان ودولة قطر اهتمامات ثنائية بإرساء قواعد السلام في المنطقة وحل الخلافات من خلال الحوار البناء والإيجابي. ومما يعزز من العلاقات، العلاقة الوطيدة بين شعبي البلدين؛ حيث يبلغ عدد القطريين المقيمين في السلطنة حتى ديسمبر 2020 حوالي 273 قطريًا، بينما يعيش 1118 عمانيًا في قطر، حسبما ذكرت نشرة صادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات. وتعمل 17 شركة قطرية في السلطنة، ويبلغ إجمالي الاستثمارات القطرية بالسلطنة 387.3 مليون ريال عماني حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، في حين يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين 1,034,242 ريالا عمانيًا في عام 2020؛ حيث تبلغ إجمالي الواردات السلعية من قطر ما قيمته 256.8 مليون ريال عماني، ويشكل إجمالي الصادرات السلعية إلى قطر 777.5 مليون ريال عماني.

وتنعم قطر بأداء اقتصادي مشهود له في منطقة الخليج والعالم العربي والعالم أجمع، بفضل ما تملكه من مقومات اقتصادية ساعدتها على بناء اقتصاد قوي، كما إنها تتمتع بموقع استراتيجي مهم؛ حيث تطل على الخليج العربي بالقرب من خطوط التجارة العالمية، مما يجعلها وجهة للمستثمرين من خلال إطلاق مشاريع مهمة تجسد قيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتوفر فرصاً استثمارية واعدة في القطاع اللوجستي والأمن الغذائي والتعليم والصحة والسياحة والرياضة، إضافة إلى امتلاكها خطوط نقل بحري وجوي متطورة، وتملك العديد من الشركات الرائدة في مجال البتروكيماويات وإنتاج الغاز. وتعد قطر أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال، وتسعى لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 110 ملايين طن سنويًا بدءًا من عام 2025 بزيادة سنوية تقدر بنحو 43%، وباستثمارات تصل إلى 105 مليارات ريال قطري. ووفقاً لأحدث المعلومات، فإنَّ أسطول شركة ناقلات الغاز القطرية بحلول عام 2022 سيضم 74 سفينة، مما يشكل نحو 12% من إجمالي القدرة العالمية الحالية لنقل الغاز الطبيعي المسال. كما سترفع طاقتها لإنتاج الغاز الطبيعي المسال إلى 126 مليون طن سنويًا بحلول عام 2027، بزيادة تبلغ 64% عن مستوى الإنتاج الحالي البالغ 77 مليون طن سنويًا.

وعلى المستوى السياسي، كانت قطر وما زالت لاعبا إقليميا فاعلا وبذلت جهودا دبلوماسية وسياسية حثيثة في القضايا الإقليمية والعالمية من خلال الوساطة بين الأطراف المختلفة والدول لتقريب وجهات النظر وإيجاد حلول مُستدامة للنزاعات والخلافات. وساهمت قطر بإيجابية في حلحلة العديد من القضايا وفي مُقدمتها القضية الفلسطينية، نظرًا لما ترتبط به من علاقات وطيدة بين جميع الفصائل الفلسطينية. كما ساهمت قطر في حل العديد من الأزمات التي مرت بها دولة ليبيا خلال السنوات الماضية، واستضافت محادثات الفرقاء الليبيين، وشهدت الدوحة عقد مفاوضات أسفرت عن إعداد الدستور الليبي. وكان لقطر دور في تقريب وجهات النَّظر بين حركة طالبان وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث استضافت الدوحة عدداً من جولات التفاوض والمُباحثات بينهما، أسفرت عن توقيع اتفاق سلام تاريخي بين الولايات المتحدة وطالبان قضى بخروج القوات الأمريكية من أفغانستان، وأسهمت قطر بدور إيجابي في دعم الاتصالات والمباحثات بين الدول العربية بفضل ما تملكه من احتياطات نقدية وفيرة، وذلك في إطار روح الأخوة والعروبة بين الدول العربية والخليجية.

وفي الجانب الرياضي، فإنَّ قطر على موعد تاريخي غير مسبوق منذ انطلاق منافسات كأس العالم؛ حيث لأول مرة في الشرق الأوسط وفي الدول العربية تستضيف دولة عربية نهائيات مونديال 2022؛ الأمر الذي سيفتح المجال أمام نمو اقتصادي وزخم رياضي عالمي يلقي الضوء على هذه المنطقة من العالم. ونجحت قطر من خلال اللجنة العليا للمشاريع والإرث في إنشاء العديد من المجمعات الرياضية وإستادات كرة القدم التي مثلت أيقونات معمارية وتحفًا فنية ستبهر العالم خلال المنافسات المرتقبة في 2022.

مجالات العمل الإنسانية والتنموية، لم تغب عن القيادة القطرية؛ إذ تؤدي مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع التي تقودها بحكمة واقتدار صاحبة السُّمو الشيخة موزا بنت ناصر المسند دورا تنمويا رائدا، ليس فقط على مستوى العالم العربي بل في أنحاء العالم؛ حيث كرست جهودها واهتماماتها في مجالات عدة تنوعت ما بين التعليم والتنمية البشرية والإنسانية وقضايا الأسرة والتقارب بين الشعوب، وأطلقت عددا من المبادرات منها برنامج "علم طفلا" والذي نجح في الحاق 10 ملايين طفل بالمدارس حول العالم، كما تعمل مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لدمج التعليم في مخيمات اللاجئين، كما ساهمت سموها في تخفيف حدة الجوع والفقر في أنحاء مختلفة من دول العالم وخاصة في دول القرن الأفريقي التي كانت وما زالت تعاني من موجات جفاف.

وفي الشأن الداخلي، تمكنت قطر من تحقيق نهضة تنموية مشهود لها بفضل كفاءة الأداء وحسن الاختيار للكفاءات الوطنية، فالقطاع الصحي متطور ويقدم خدمات صحية عالية الجودة للمواطنين والمُقيمين. وفي الجوانب التعليمية تستضيف قطر أكبر المدارس والمؤسسات التعليمية العليا حول العالم وكذلك المؤسسات التعليمية الوطنية ومراكز البحوث والتدريب من أجل تنمية الكوادر البشرية.

ويمكن القول إنّ قطر باتت دولة عصرية، استطاعت خلال عقود قليلة من الزمن أن تنهض وأن تستفيد من مواردها المالية وإمكاناتها البشرية والاقتصادية، لكي تكون دولة متقدمة في كافة المجالات، وقادرة على القيام بأدوار إقليمية ودولية تدعم جهود نشر الأمن وبسط الاستقرار.

تعليق عبر الفيس بوك