سليّم بن محمد الهنائي
الحديث عن أحمد بن ماجد وما قدَّمه للبشرية من مُنجزات في علوم البحار يجب أن يبتعد عن مجرد الحديث عن منجزاته التي قدمها للبشرية وأن يعرج الكلام إلى هذه الشخصية نفسها، والسبب في ذلك يعود إلى أنه منذ البداية آثر أن تكون علومه من بعده خدمة جليلة للبشرية، وهذا بدوره يعود بنا للحديث عن جانب مهم في حياة شخص منِّا، بمعنى كيف تضع لك بصمة في الحياة؟
من المؤكد أن الخالق لم يخلقنا عبثاً وإنما هناك حكمة من هذا الخلق إلى جانب العبادة طبعاً، ولذلك من المهم جداً أن لا يستصغر الإنسان قوته وما عنده من ملكات، بل يجب أن يكون لكل إنسان بصمة في الحياة حسب مجاله. وإذا ما عدنا للحديث عن شهاب الدين أحمد بن ماجد الذي أمضى جُلّ حياته في البحر فإنَّ ما أنجزه من علوم كانت عوامل مساعدة ومُهمة لمن جاء بعده سواء من البحارة أو من المهتمين بعلم الفلك والجغرافيا، ولذلك فإنَّ تسميته من قبل البرتغاليين بأمير البحار لم يأتِ من فراغ بل لدوره في علم المرشدات البحرية.
إن إدراج ابن ماجد كشخصية عالمية مُؤثرة يجب أن يفهم أبعد وأعمق من ذلك، ويتمثل في أنَّ هذا الرجل قدم للبشرية علوم المرشدات البحرية ذات الأهمية القصوى، ويعتبر نبوغه في مجال علوم البحر بسبب إتقانه العديد من اللغات بالإضافة إلى سعة اطلاعه على علوم الفلك والرياضيات والجغرافيا، ليشكل بها شهاب الدين أحد أهم الكتب التي تناولت جوانب جغرافية وفلكية مع ما به من صور وخرائط، والذي أصبح دليلا يسترشد به في علم البحر، بل وحتى الدول الأوروبية استعانت به في رحلاتها نحو المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا وشرق آسيا، ولأهمية الكتاب فقد أصبح من الكتب الأساسية في مكتبات أوروبا وما زال حتى الوقت الحالي. إن مسألة إدراج ابن ماجد كشخصية مؤثرة هو اعتراف صريح من الأجيال المتعاقبة بفضل هذا الرجل العماني، وليس بغريب، فعُمان دائماً ولادة لمثل هذه النماذج عبر التأريخ.