الدراسة شملت 13 قرية تراوحت فيها نسبة الإصابة بين المنخفضة والشديدة

نتائج بحثية مُبشرة في الكشف عن "دوباس النخيل" عبر تقنيات "الاستشعار عن بعد"

◄ رصد ارتباط بين إصابة النخلة والحزم الضوئية للأشعة تحت الحمراء

◄ 94 % نسبة كفاءة ودقة التقنية في تحديد مستويات ونوع الإصابة

◄ النتائج تسهم في اتخاذ إجراءات تساعد في الحفاظ على البيئة الزراعية من التلوث

◄ جمع 20 ألف عينة من حشرات الدوباس بالتعاون مع جامعة كنتاكي الأمريكية

◄ تعاون وثيق مع جامعة نيوإنجلاند الأسترالية لدراسة 6 أجيال من حشرة الدوباس

مسقط- الرؤية

أظهرت نتائج دراسة بحثية وجود ارتباط معنوي جيد بين إصابة النخلة بهذه الحشرة وبين الحزم الضوئية التابعة للأشعة تحت الحمراء.

والدراسة التي حملت عنوان "الكشف عن إصابة حشرات الدوباس باستخدام صور الأقمار الصناعية متعددة الأطياف عالية الدقة في سلطنة عُمان"، جاءت ضمن خمس دراسات بحثية تم تنفيذها من خلال برنامج الإدارة المتكاملة لحشرة دوباس النخيل، وهو أحد البرامج الاستراتيجية التي نفذها قطاع البحث العلمي بالتعاون مع وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.

وكشفت النتائج عن تباين وفروق معنوية لمتوسط الانعكاس في الثلاث حزم الطيفية التابعة للأشعة تحت الحمراء بين مختلف مستويات الإصابة، كما بينت وجود علاقة معنوية مع 19 مؤشرًا من إجمالي المؤشرات التي جرت دراستها، وبالتالي يمكن الاستفادة منها في تحديد بؤر الإصابة بحشرة دوباس النخيل. وأوضحت نتائج الدراسة أن كفاءة ودقة التقنية في كشف وتحديد مختلف مستويات الإصابة تصل إلى 68% لمختلف مستويات الإصابة، وتصل النسبة إلى 94% في تمييز أو تصنيف مستوى الإصابة المنخفض.

والدراسة جزء من برنامج الإدارة المتكاملة الذي اعتُمد في عام 2011، بهدف تطوير وتعزيز استراتيجية مستدامة لإدارة مشكلة دوباس النخيل، وإيجاد حلول علمية للحد من الآثار الضارة للمبيدات التي تستحدم في مكافحته، سواء تلك التي تؤثر على صحة الإنسان أو البيئة؛ وذلك بتطوير طرق لمكافحة هذه الحشرة آمنة على الإنسان وفي ذات الوقت صديقة للبيئة. أيضا تطوير استراتيجية مستدامة لمكافحة حشرة دوباس النخيل، والتقليل من الأضرار الاقتصادية التي تحدثها.

وبحسب النتائج المتحصل عليها من خلال هذه الدراسة، فثمة إمكانية لاستخدام تقنية الاستشعار عن بُعد في كشف وتحديد البؤر المصابة بحشرة دوباس النخيل؛ حيث يمكن من خلال هذه التقنية الحصول على نتائج سريعة لمساحات واسعة وأكثر دقة. كما يُمكن من خلالها الخروج بخرائط يمكن رفعها على أجهزة الملاحة الخاصة بطائرات الرش الجوي؛ لتحديد البؤر التي تحتاج للمكافحة من غيرها، في نفس الحقل والموقع، وبالتالي التقليل من تكلفة المكافحة وتقليل الرش الزائد أو غير الضروري للمبيدات؛ حفاظًا على البيئة الزراعية من التلوث التي قد تسببها المبيدات الزراعية.

أبرز أنشطة البرنامج

ونفذ البرنامج البحثي مجموعة كبيرة من الأنشطة مثل تطوير قواعد بيانات بكل ما يتعلق بالدوباس بما فيها تلك الموجودة في الجهات ذات العلاقة، كما قام بتنفيذ عدد من المشاريع البحثية أهمها تحديد حساسية الدوباس للمبيدات في محافظات الداخلية وشمال وجنوب الشرقية والظاهرة وشمال وجنوب الباطنة وذلك من خلال وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وتحديد وجود الحمض النووي لحشرة دوباس النخيل في المفترسات (الحشرات والعناكب) المصاحبة عبر جمع أكثر من 20 ألف عينة من الحشرات الموجودة في بيئة الدوباس بالتعاون مع جامعة كنتاكي الأمريكية ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وتحديد البصمة الطيفية لإصابة الدوباس من خلال التصوير بالأقمار الصناعية من خلال جامعة نيوإنجلاند الأسترالية ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ودراسة ستة أجيال متتالية من الدوباس في الحقل وعلاقتها بالعوامل البيئية وإيجاد العلاقة بين كثافة الإصابة بالدوباس وكمية إفراز الندوة العسلية والتعرف على العلاقة بين كثافة الإصابة وكثافة البيض على النخيل، وكذلك العلاقة بين كثافة الدوباس وطفيل البيض المحلي الذي يقضي على بيض الدوباس من خلال وزارة الثروة الزراعة والسمكية وموارد المياه.

الاستشعار عن بُعد

وتعد هذه الدراسة البحثية من الدراسات التي فازت في مُسابقة الجائزة الوطنية للبحث العلمي لعام 2020، والتي تنظمها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار؛ وهي للباحث الرئيس راشد الشيدي من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وعضوية كل من الدكتور سالم الخاطري من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، والدكتور لاليت كومار من جامعة نيو إنجلاند. وقال الباحث إن هذه الدراسة ضمن الدراسات البحثية المنفذة ضمن مشروع "نمذجة بيئة وكثافة حشرة الدوباس في السلطنة بالاعتماد على العلاقات بين حشرة الدوباس والعوامل البيئية والمناخية" في إطار البرنامج البحثي (الإدارة المتكاملة لحشرة دوباس النخيل) الممول من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وتم تنفيذه بالتعاون بين جامعة نيو إنجلاند الإسترالية ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.

وتناول المشروع خلال فترة التنفيذ التي امتدت من عام 2016 إلى عام 2019، محورين رئيسين وهما دراسة استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد في الكشف عن إصابة حشرات دباس النخيل، واستخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد ونُظم المعلومات الجغرافية في دراسة العوامل البيئة (مثل تضاريس زراعات النخيل، وكثافة وتنوع ارتفاع أشجار النخيل، ونسبة الزراعات البينية والجانبية والمسافات البينة بين مواقع أو قرى زراعات النخيل) والمناخية (مثل الإشعاع الشمسي والحرارة والرطوبة) وعلاقتها بمستويات الإصابة بحشرة دوباس النخيل.

هدف الدراسة البحثية

وهدفت الدراسة البحثية التي قام بها الباحث راشد الشيدي وفريقه البحثي الى إمكانية استخدام تقنية الاستشعار عن بُعد في الكشف عن أشجار النخيل المصابة بحشرة دوباس النخيل، وتحديد بؤر الإصابة الشديدة من الخفيفة والمتوسطة والتي تحتاج التدخل بطرق المكافحة المتاحة؛ حيث يمكن أن تكون لهذه التقنية جدوى فاعلة في تقليل الكلفة العالية والجهد البشري التي تتطلبها مثل هذه المسوحات الحقلية، وتقليص الفترة الزمنية اللازمة للحصول على تقرير وضع الإصابة في مختلف مواقع زراعات النخيل في السلطنة والذي قد يساهم في إعداد خطط وإستراتيجيات المكافحة وتنفيذها في الوقت المناسب.

وتم تنفيذ هذه الدراسة في ولاية سمائل، وذلك بالتقاط صورة جوية عن طريق القمر الصناعي WorldView-3 لمساحة تقدر بـ100 كيلومتر مربع وشملت 13 قرية تراوحت فيها نسبة الإصابة بين المنخفضة والشديدة، وصحبها في نفس الوقت تقييم حقلي لمستوى الإصابة بالآفة على أشجار النخيل في مختلف القرى، وذلك بالاستعانة بفريق من الفنيين والباحثين المختصين من مركز بحوث وقاية النبات التابع للمديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية، ويعتمد تقييم شدة الإصابة على حشرة دوباس النخيل على العدد المباشر لمختلف أطوار الحشرة لعدد معين من الأوراق من كل شجرة يتم اختيارها للتقييم الحقلي، وأيضًا من خلال عدد قطيرات الندوة العسلية باستخدام الأوراق الحساسة للماء، وعلى الرغم من فاعلية الطرق التقليدية في تحديد شدة الإصابة إلا أنه تواجه هذه الطرق بعض المعوقات والتي يمكن أن يكون لها تأثير على دقة التقييم مثل المساحة التي يمكن تغطيتها في التقييم الحقلي محدودة بعدد الكوادر الفنية المتاحة ووسائل النقل والأدوات المستخدمة في عملية التقييم؛ حيث يكون التقييم بأخذ عينات عشوائية من المواقع المستهدفة لا يشمل كل الأشجار في الحقل، كما إن تحديد الوقت المناسب لتقييم الإصابة يلعب دورا في التقييم الصحيح والدقيق والذي يمكن أن يتطلب زيارة متكررة لنفس الموقع، هذا إضافة إلى أن التضاريس الجغرافية لمواقع زراعات أشجار النخيل تعد من أحد التحديات التي تواجه المسوحات الميدانية، وفي المقابل يمكن التغلب على مثل هذه المعوقات باستخدام التقنيات الحديثة وذلك للتقليل من أعداد الكوادر الفنية اللازمة، وأيضا من الكلفة المادية، ويمكن تكرار عملية التقييم باستخدام تقنية الاستشعار عن بعد أكثر من مرة خلال الموسم الواحد، ويمكن تغطية مواقع كثيرة وتغطية أغلب الأشجار في كل موقع أو قرية.

صور الأقمار الصناعية

ويتميز القمر الصناعي بنظام التصوير البانكروماتي (بدون ألوان) عالي السعة والذي تصل فيه الدقة المكانية/ الجغرافية لنصف متر، ويُعد المستشعر عن بُعد المحمول على القمر الصناعي WorldView-3 متعدد الأطياف وهي أربع نطاقات طيفية قياسية في نطاق الألوان المرئية للإنسان (الأحمر والأخضر والأصفر والأزرق) وعدد 4 نطاقات طيفية قريبة من الأشعة تحت الحمراء إضافة الي نطاق الساحل والذي يندرج فوق الأشعة البنفسجية.

وتضمنت الدراسة 3 محاور رئيسية؛ هي: دراسة الفروقات في الانعكاس الطيفي لمختلف مستويات الإصابة والأشجار السليمة ودراسة مختلف أنواع مؤشرات الغطاء النباتي ومدى علاقتها بمعدل الارتباط المعنوي بمختلف مستويات الإصابة وتقييم تحليل الصور باستخدام التصنيف الموجة في التعرف على الإصابة، حيث تم احتساب معدل الانعكاس الطيفي لمختلف النطاقات الطيفية لكل الأشجار التي تم تقييمها في الحقل ودراسة مدى ارتباطها بمعدلات الإصابة في التقييم الحقلي وكذلك دراسة وجود الفروقات المعنوية في الانعكاس الطيفي مع مختلف مستويات الإصابة ومقارنتها مع الانعكاس الطيفي للأشجار السليمة.

وتعد مؤشرات الغطاء النباتي (ويعرف أيضا بمؤشر الغطاء الخضري) عن طرق تحليل بيانات الاستشعار عن بعد وذلك من خلال الدمج بين نطاقين أو أكثر من النطاقات الطيفية من خلال معادلات رياضية تم تطويرها عن طريق دراسات علمية سابقة ثبت علميا جدوى استخدامها في التعرف على ظوهر مختلفة من الإجهادات البيولوجية التي تظهر على النباتات جراء الإصابة بالآفات او نتيجة التأثر بالعوامل البيئية. وتعتبر تقنية التصنيف الموجة التي تعتمد على استخدام معدل الانعكاس الطيفي او البصمة الطيفية في التعرف الآلي على الأشجار المصابة بالاعتماد على مدى تقارب أو تجانس مجموعة خلايا من الصورة الرقمية مع ما يتم تخزية ومعالجة تلك البيانات من خلال برامج حاسوبية لتحديد بؤر الإصابة بمختلف مستوياتها ومن ثم عرضها على شكل خرائط توضح مختلف مستويات الإصابة.

أهمية الدراسة

وقال الباحث راشد الشيدي إن الاستمرار في هذه الدراسة البحثية المتعلقة يسهم في تحسين كفاءة الكشف عن الإصابة بحشرة دوباس النخيل بمختلف مستوياتها باستخدام التقنيات الحديثة للوصول إلى كفاءة عالية في الكشف عن الإصابة، وذلك من خلال دراسة طرق التحليل المختلفة التي أثبتت كفاءتها في التعرف عن الإصابة بالآفات التي تتشابه أعراض الإصابة فيها مع أعراض (تراكم الندوة العسلية على سطح الأوراق) والإصابة بحشرة دوباس النخيل، ودراسة الأسباب التي تعوق كفاءة الكشف عن الإصابة في ظروف السلطنة؛ مثل وجود ظلال الجبال التي تظلل أشجار النخيل، أو تنوع الغطاء النباتي في اسفل النخيل، والذي يمكن أن يؤثر على كمية الانعكاس من سطح أوراق أشجار النخيل، وبالتالي يمكن أن يؤثر على كفاءة التعرف على مستوى الإصابة.

وأضاف أن تنوع أعمار أشجار النخيل وخاصة في الزراعات التقليدية التي تسقى بماء الأفلاج التي يمكن أن تكون أسفل النخيل الطويلة، يشكل تحديًا في تحديد مستوى الإصابة وتتطلب المزيد من الدراسات. وبين أنه يمكن أن تشكل أعراض الإجهادات البيئة والحيوية تداخلًا مع أعراض الإصابة بحشرة دوباس النخيل التي يجب الاستفاضة في دراستها لتجنب نسبة الخطأ في النتائج.

كفاءة تقنية الاستشعار

وأثبتت تقنية الاستشعار عن بُعد فعاليتها في كشف وتحديد الإصابة بالعديد من الآفات سواء الآفات الحشرية أو الكائنات الممرضة للنبات على العديد من المحاصيل الزراعية أو على أشجار الغابات في العديد من دول العالم، وعلية يمكن توظيف التقنية في الكشف عن العديد من الآفات التي تصيب مختلف المحاصيل الزراعية في السلطنة مثل الكشف المبكر عن حشرة سوسة النخيل الحمراء أو مرض اللفحة السوداء على محصول النخيل أو أمراض اللفحة التي تصيب محاصيل الخضروات ، أو حتى تحديد الأراضي الزراعية المتدهورة من تأثير الملوحة أو الزحف العمراني على المدى الزمني. كما يمكن توظيف التقنية في تحديد مساحات الأراضي الزراعية لمختلف المحاصيل الزراعية سواء الدائمة أو الموسمية.

تعليق عبر الفيس بوك