تغير المناخ.. بين الظواهر الطبيعية وتدخل الإنسان

 

عيسى الغساني

يشهد العالم تغييرا مضطردا في الأحوال المناخية، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والأعاصير، والفيضانات، والاحتباس الحراري، كل ذلك أثر ويؤثر على نظام الحياة الطبيعي من حيث قلة الموارد وانتشار الأمراض والفيروسات التي تفتك بالإنسان والحيوان والنبات.

ويبقى التساؤل": هل التغير المناخي ظاهرة طبيعية مجردة؟ أم تدخل بشري بقصد إحداث تغييرات وخلق واقع جديد على المجتمعات والشعوب وتوجيه الإرادة نحو سلوك معين؟

ظهرت الهندسة المناخية أو الهندسة الجيولوجية، وتعرف بأنها أساليب التدخل في سلوك المناخ وتغييره بهدف الحد من الاحتباس الحراري وإسقاط الأمطار بالتعامل مع حرارة  الشمس، والغلاف الجوي وسطح التربة. وكان عالم الأرصاد الأمريكي جيمس بولارد في عام 1841 أصدر كتاب "فلسفة العواصف" والذي يناقش إمكانية تدخل الإنسان لخلق أمطار اصطناعية في موسم الجفاف، ومنذ ذلك الوقت تسارع العلم بين استخدامات الخير والشر، وبعد سلسلة من أعاصير وفيضانات وحرائق حدثت خارج سياق الوضع التاريخي للظواهر المناخية، أصبح التخوف جلياً من استخدامات التغيير المناخي لأغراض حسم الصراعات والحروب بات واقعًا.

وعلى سبيل المثال لا الحصر ما زال الغموض يكتنف استخدام المرايا الشمسية لتقليل حرارة الجو، بينما تقنية استخدام المرايا الشمسية لإحداث حرائق ورفع درجة الحرارة تؤكده النظريات العلمية ونماذج الأبحاث الداعمة لإمكانية الاستخدام على نطاق أوسع، وكذلك استخدام كميات من الكبريت عبر إطلاقه في الجو لحجب تركيز أشعة الشمس، وكان الأثر السلبي هو تأثير غاز الكبريت على التربة وتقليل الانبعاث الحراري. وهناك أيضا طريقة تسميد المحيطات بمادة الحديد والتي تؤدي الى نشاط العوالق والطحالب البحرية والغاية هي سحب غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء وخفض درجة الحرارة ورغم القول بأنها من أكثر الطرق أمانا، لكن الأثر البعيد لهذه التقنية إلى الآن غير واضح.

الشاهد حول استخدام تقنية الهندسة المناخية كسلاح، ما حدث في فيتنام عام 1976، عندما تمَّ  حقن السحب لتمديد حالة السحب والرياح على فيتنام وكمبوديا؛ لمنع تحركات الجيوش هناك، وتعد تلك الحادثة أول محاولة في التاريخ لتغيير المناخ الجوي بشكل واسع، وتتنافس الدول على إنشاء المحطات المناخية ومنها الصين وأمريكا وروسيا.

ورغم خطورة ظاهرة الهندسة المناخية وتسابق الدول حول استخدامها في الأغراض غير السلمية، إلا أنه لم تبذل جهود قانونية أو أخلاقية سوى مؤتمر باريس للمناخ 2015، والذي لا يعدو إلا أن يكون محاولة خجولة تفتقد الإرادة الجماعية نتيجة تضارب المصالح.

وتبقى المعرفة بعلم تغيير المناخ، ضرورة ملحة وربما ترقى إلى "ضرورة بقاء" وباستخدام البحث العلمي وتقنياته، يتقي الإنسان شرور العبث بالطبيعة.