تتناغم مع رؤية "عمان 2040" لبناء مجتمع المعرفة وتحقيق التنمية الشاملة

الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير.. رؤى طموحة وتطلعات تعانق سماء التقدم والازدهار

◄ الاستراتيجية تستهدف تحقيق التميز البحثي ودعم جهود تنمية رأس المال الفكري

◄ إعادة التنظيم والمواءمة والتميز.. 3 مراحل رئيسية لتطبيق الاستراتيجية

◄ توجهات استراتيجية تستوجب زيادة الاعتمادات المالية المخصصة للبحث العلمي

 مسقط- الرؤية

تمثل "الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040"، ترجمة للأهداف الطموحة والتطلعات الكبيرة التي تسعى إليها بكل جهد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وذلك استكمالًا لأهداف وخطط الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي 2020، وبما يتوافق مع رؤية "عمان 2040"، وغيرها من الاستراتيجيات القطاعية.

غير أن "الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040" تركز على تعزيز دور البحث العلمي والتطوير في التحول لمجتمع المعرفة وبما يُسهم في تحقيق أهداف التنمية الشاملة في السلطنة، كما تتضمن التوجهات الاستراتيجية لتعزيز منظومة البحث العلمي والتطوير لدعم التنمية المبنية على المعرفة والابتكار، وتعزيز الترابط والتكامل بين جميع الأطراف الفاعلة في منظومة البحث العلمي والتطوير مع التركيز على التعاون الأكاديمي والصناعي، وتحقيق التميز البحثي بشكل يؤدي إلى التأثير الاقتصادي والاجتماعي المنشود، والارتقاء بالبحث العلمي والتطوير ونشر ثقافته لتدعيم رأس المال الفكري.

 

مراحل البناء

تعرِّف الاستراتيجية الوطنية ثلاث مراحل؛ وهي: مرحلة تمكين البحث العلمي، ثم مرحلة المواءمة مع المتطلبات الوطنية ومرحلة البناء للمستقبل لتكون عمان ضمن خارطة العالم في العلوم والتقانة. وتتمثل المرحلة الأولى في إعادة التنظيم والتمويل البحثي وهو ما عملت علية الاستراتيجية السابقة، أما المرحلة الثانية هي المواءمة مع المتطلبات الوطنية من خلال بناء السعة البحثية، والتميز البحثي المنتقى، والمواءمة مع المتطلبات الحالية والأولويات الوطنية وقد أفرزت الاستراتيجية السابقة 2008-2020 منظومة من البرامج التي تحقق هذه المرحلة. أما المرحلة الثالثة فتتضمن البناء للمستقبل وذلك من خلال تحويل المعرفة الى عائد اقتصادي والتناغم مع رؤية عمان 2040 والاستراتيجية الوطنية للابتكار.

وبهدف بناء استراتيجية رصينة ومستدامة، قد تم استخدام التحليل الرباعي SWOT للخروج بمجموعة من نقاط القوة والضعف في منظومة البحث العلمي للاستفادة منها في إعداد هذه الاستراتيجية، وقد أوضح التحليل أن من أهم نقاط القوة أن هناك منظومة وطنية متكاملة للبحث العلمي، وسعة بحثية على كافة المستويات (باحثون، وباحثون مساعدون، وفنيون)، إضافة إلى توفيرها بنية أساسية بحثية تشمل مراكز وبرامج بحثية متنوعة وتوفر الأدوات والتقنيات والأجهزة البحثية لتعزيز وتمكين البحث العلمي في القطاع الأكاديمي، ووجود ثقافة للبحث العلمي في الأوساط التعليمية والأكاديمية، والإنتاج المعرفي، ووجود روابط بين القطاعين الأكاديمي والصناعي. كما أظهرت النتائج بعض نقاط الضعف التي يمكن تفاديها منها ضعف التركيز على المشاريع والمبادرات البحثية التطبيقية الموجهة للاستثمار ضمن القطاعات ذات الأولوية الوطنية في السلطنة، كما أن معظم الباحثين غير متفرغين كليا/نسبيا لإجراء البحوث العلمية وذلك لارتباطهم بالتعليم الأكاديمي (الارتباط الوظيفي)، والقصور في استثمار المعرفة العلمية والبحثية في تطوير شركات وتقنيات قادرة على المساهمة في الاقتصاد الوطني. كما أن هناك مهددات مثل محدودية التعاون البحثي والإجراءات والتشريعات الغير مرنة في اتخاذ القرارات المرتبطة بأنشطة البحث العلمي والابتكار ومحدودية الموازنات المخصصة للبحث والتطوير خاصة من القطاع الخاص، وتحديات تقنيات الثورة الصناعية الرابعة أما الفرص الممكنة فهناك الإرادة السياسية للنهوض بالبحث العلمي والابتكار، المتمثلة في النظام الأساسي للدولة والمراسيم السلطانية الداعمة للبحث العلمي والابتكار كما أن البحث العلمي أصبح أولويات رؤية عمان 2040، وأيضا وجود استراتيجية وطنية للابتكار معتمدة وعدد من التشريعات والسياسات المرتبطة بالاستثمار خصوصاً في البحث والابتكار.

منهجية الإعداد

واعتمدت منهجية إعداد الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040 على 5 موجهات للخروج بإستراتيجية واضحة المعالم ذات أبعاد وتوجهات متلائمة ومتناغمة وذات أهداف محددة ودقيقة. أهم هذه الموجهات الإلمام بالأولويات الوطنية والانسجام مع احتياجات الواقع وإدراك التوأمة بين البحث العلمي والتنمية، واتباع منهج علمي في تطوير الاستراتيجية ومكوناتها حسب أحدث توجهات الفكر الإداري والتخطيط الاستراتيجي، وتحقيق الموائمة مع رؤية "عمان 2040" وبأهداف وخطط التنمية الشامل، والشراكة مع المعنيين بالبحث العلمي والتطوير وكذلك تفعيل الشركة المجتمعية، والاستجابة للمتغيرات التكنولوجية والاتجاهات العالمية للبحث العلمي والتطوير.

وتضمنت الاستراتيجية الوطنية عددا من التوجهات الاستراتيجية ويُؤكد التوجه الاستراتيجي الأول على تعزيز منظومة البحث العلمي والتطوير من خلال تهيئة قطاع البحث العلمي والتطوير في سلطنة عمان ليصبح جزءًا أساسيًا من اقتصاد السلطنة؛ وهو ما يستوجب زيادة الاعتمادات المالية المخصصة للبحث العلمي والتطوير لتصل نسبتها إلى 2% من إجمالي الدخل القومي بحلول العام 2040، ودعم الاستثمار في البحث العلمي وتطوير موارده المالية وتنويع مصادره وتحفيز مساهمة القطاع الخاص والصناعة، وتطوير البنية الأساسية والمؤسسية والتنظيمية وكذلك التشريعات والقوانين لدعم هذه المنظومة، ودعم منظومة البحث العلمي والتطوير بجميع أبعاده (المدخلات والمخرجات والنواتج والأثر).

بينما يركز التوجه الثاني على تعزيز التكامل والترابط بين الفاعلين في منظومة البحث العلمي والتطوير مع التركيز على التعاون الصناعي الأكاديمي ويمكن تحقيق هذا التوجه من خلال التشجيع على مشاركة كافة الأطراف الفاعلة في منظومة البحث العلمي والتطوير وفتح آفاق التعاون الدولي والإقليمي مع التركيز على تمكين دور وسطاء المعرفة ورفع القدرة الاستيعابية للصناعة، ورفع القدرة الاستيعابية للصناعة وتهيئة البيئة الملائمة لاستيعاب التكنولوجيا وتوظيفها، وتمكين المؤسسات الوسيطة (وسطاء المعرفة) لإداء دورها في تعزيز الترابط بين القطاعات المنتجة للمعرفة والقطاعات الإنتاجية، والتركيز على بناء القدرات في تطوير المنتج والانتقال من النماذج المخبرية للنماذج الصناعية والإنتاجية لمخرجات البحث العلمي والتطوير، وتنسيق وتطوير التعاون في المجالات البحثية والتطويرية والأعمال الابتكارية على المستويين الإقليمي والدولي.

مواءمة الأولويات

فيما يؤكد التوجه الثالث على مواءمة الأولويات الوطنية مع رؤية "عمان 2040" وتكامل الأنشطة البحثية والتطويرية وإبراز الأثر الاجتماعي والاقتصادي والمعرفي لها، يتضمن التوجه الاستراتيجي الثالث تحقيق التميز البحثي الذي من شأنه إحداث التأثير الاقتصادي والاجتماعي المطلوب لتحقيق عوائد مجزية من الاستثمار في البحث العلمي والتطوير. الأهداف الاستراتيجية لهذا التوجه تشمل دعم الأنشطة البحثية والتطويرية وفقا للأولويات الوطنية وربطها برؤية "عمان 2040" وخطط لتنمية الوطنية وبالصناعة واحتياجات المجتمع مثل المواضيع المرتبطة بركائز رؤية عمان والخطط الخمسية، وتحقيق التميز البحثي في المجالات الاستراتيجية والمستجدات العالمية ذات الصلة والتركيز على الأولويات الممكنة مثل الثورات الصناعية الرابعة وتكنولوجيات الصناعات اًلإبداعية إضافة ألى العلوم التنبؤية، وانتهاج مسارات واضحة في اكتساب القيمة والاستفادة من البحوث والمعرفة الناتجة عن الأنشطة البحثية والابتكارية من اجل إبراز الأثر الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي والبعد عن الازدواجية والتكرار والاستفادة من الدراسات السابقة.

ويأتي التوجه الرابع لدعم النهوض بالبحث العلمي ونشر ثقافته والاهتمام بكافة أشكال المعرفة مع التركيز على المعرف الضمنية وكذلك التركيز على الباحثين الشباب، ويتناول التوجه الاستراتيجي الرابع الارتقاء بالبحث العلمي والتطوير ونشر ثقافته لتدعيم رأس المال الفكري والتحول لمجتمع المعرفة، من أهم الأهداف الاستراتيجية لهذا التوجه دعم الإنتاج المعرفي بكافة أشكاله مع التركيز على المعارف الضمنية وتشجيع النشر العلمي، و تشجيع الابتكار وروح المبادرة والاختراع لتنمية رأس مال بشري قادر على الإبداع والابتكار والتميز وانتهاج الأسلوب العلمي في مواجهة التحديات، وتنمية جيل من الباحثين المجيدين الشباب وتدريبهم على إجراء البحوث العلمية الأصيلة ذات المستوى العالمي الرفيع، ودعم توفير فرص العمل عن طريق رفع الطلب للوظائف ذات التخصصات العلمية، وتوظيف المنظومة الإعلامية في نشر ثقافة البحث العلمي والتطوير.

الأولويات الوطنية

وتم تعريف الأولويات الوطنية للبحث العلمي والتطوير لتشمل ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى الأولويات المنسجمة مع رؤية "عمان 2040" ومع الاستراتيجيات القطاعية وأهداف التنمية المستدامة. وتشمل مواضيع ركيزة الإنسان والمجتمع ومواضيع ركيزة التنوع الاقتصادي ومواضيع ركيزة البيئة ومواضيع ركيزة الأداء المؤسسي. المجموعة الثانية حزم المواضيع متعددة التخصصات ومتعددة الشركاء وذات الأُولوية الوطنية وتتضمن حزمة التمكين الاقتصادي والاجتماعي، والأمن الغذائي وترابطه مع الأمن الغذائي وامن الطاقة، وراس المال الفكري والثراء المعرفي.

وتتضمن المجموعة الثالثة المواضيع المرتبطة والخطط الخمسية والقطاعات الاقتصادية الواعدة وتشمل التعدين والسياحة والثروة السمكية والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية ويتطلب تنفيذ هذه الاستراتيجية بنجاح مراعاة مجموعة من العوامل الأُساسية وتشمل توجيه الأنشطة البحثية والابتكارية نحو القطاعات ذات الأساس المعرفي والميزة التنافسية، والتركيز على مبدا تكامل المراكز البحثية والمؤسسات المنتجة للمعرفة والبناء على النجاحات والإنجازات السابقة، وتفعيل آليات قياس الأداء والتركيز على المخرجات والنتائج الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وبناء الشراكات الاستراتيجية لخلق الفرص بين منتجي المعرفة والاطراف الفاعلة في المنظومة. يتطلب مواءمة التوجهات الاستراتيجية في وضع خطة التنفيذ وتعزيز الاستفادة من البرامج الحالية لدعم تطوير المعرفة، وتفعيل الترابط بين الفاعلين في المنظومة وكذلك تطوير التقانة وتوطين المعرفة. كما تتضمن التوجهات الاستراتيجية تعزيز منظومة البحث العلمي والتطوير وإنتاج المعرفة، وتعزيز التكامل بين الفاعلين في منظومة البحث العلمي والتطوير، وتعزيز الترابط الاجتماعي والاقتصادي.

تعليق عبر الفيس بوك