التعليم العالي في "إكسبو دبي"

 

سالم بن مسلم المعمري

ترسم عُمان معالم حضارتها وتميزها في معرض إكسبو2020 دبي الدولي من خلال شعارها المُميز شجرة اللبان رمز التواصل والتجارة والحضارة والمعرفة والقيم، وأهم ما يُميز مشاركة السلطنة هو الشباب العُماني الحاضر في كل مفصل من مفاصل هذه المشاركة بدءًا من تصميم وتخطيط الركن العُماني وتنفيذه من قبل مجموعة من الشباب العُمانيين خريجي مؤسسات تعليمية عُمانية ليُحقق رؤية عُمان للمستقبل التي تقودها الأيادي والعقول الطامحة والشابة لمواكبة ثورة المعرفة والتواصل وصنع المستقبل، وهو الشعار الذي حملته رسالة معرض إكسبو دبي 2020 تواصل العقول وصنع المستقبل.

ومن هنا جاءت مختلف المشاركات لتعبر عن هذا التوجه حيث تستقل سفينة شباب عُمان بقيادة البحرية السلطانية مجموعة من الطلبة الأكاديميين في رحلة بحرية علمية ليشاركوا مع فرق الموسيقى العسكرية حيث يمتزج العلم بالفن والثقافة ويطوف دول الخليج ليصل في محطته الأخيرة في مارينا دبي للمشاركة في المعرض وقد أنهى الطلبة مقررا أكاديميا برعاية من الجامعة الألمانية، وتأتي مشاركة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار هذا الحدث العالمي بحملة مميزة تحمل شعار "أدرس في عُمانstudy in Oman " والتي بدأتها الوزارة منذ فترة لاستقطاب الطلبة الدوليين للدراسة في مؤسسات التعليم العالي في السلطنة وإبراز تنوع البيئة التعليمية والبرامج الأكاديمية والحوافز للبحث العلمي والابتكار؛ حيث يتميز قطاع التعليم العالي في السلطنة بنمو مطرد في المؤسسات وطلبة التعليم العالي ودعم كبير من الحكومة للتعليم العالي والتدريب المهني والبحث العلمي والابتكار حيث ارتفع عدد المؤسسات ليصل إلى أكثر من 47 مؤسسة تعليم عال مرتبطة أكاديمياً مع أرقى الجامعات تقدم مجموعة من البرامج العلمية في مختلف مجالات المعرفة والدرجات العلمية.

وحيث إن التنافس بين دول العالم في القرن الواحد والعشرين هو تنافس في صناعة المعرفة والتكنولوجيا للانتقال إلى الثورة الصناعية الرابعة حيث يشهد العالم تنافساً في التعليم وجذب العقول لتفعيل مخرجاته في إحداث التنمية المُجتمعية والصناعية الشاملة وإحداث طفرات هائلة في النمو الاقتصادي والعسكري والسياسي، وتتنافس دول العالم في استقطاب الطلبة الدوليين لتعزيز بيئتها البحثية ومؤسساتها العلمية بتنوع العقول والأفكار مما سيُسهم في رفع كفاءة الدراسة والتدريس في هذه المؤسسات كما تؤكد الدراسات، وتأتي مشاركة وزارة التعليم العالي من خلال مجموعة من الفعاليات المميزة؛ حيث دشنت الموقع الإلكتروني الخاص بالطلبة الدوليين (www.studyinOman.om)  والذي يهدف إلى التعريف بالتعليم العالي في السلطنة من حيث المؤسسات العلمية ومراكز البحث والخدمات الطلابية المتوفرة للطلبة الدوليين من نقل وسكن وتأمين وبيئة سياحية وتنوع جغرافي يجعل الإقامة في عُمان للدراسة مُمتعة وشيقة للطالب وأفراد أسرته، ومما تؤكده كثير من الدراسات أهمية الطالب الدولي في رفد ميزانية المؤسسات التعليمية وموازنة الدولة وإنعاش الاقتصاد الوطني في مختلف المجالات التجارية والعقارية والسياحية.

ويعد الطلبة الدوليون مصدرًا مهمًا لليد العاملة الماهرة؛ حيث تسمح كثير من الدول بساعات عمل محددة لهم في مختلف القطاعات ولهم بصمة واضحة في خدمة قطاع البحث العلمي والابتكار من حيث تقديم مشاريع علمية وبحوث لمُعالجة القضايا المختلفة من أرض الواقع. وفي دراستي لدرجة الماجستير حول استقطاب الطلبة الدوليين للسلطنة بينت الدراسات الأدبية والإحصاءات لبعض الدول أنه بحلول عام 1995، كان الدخل الرسمي من الطلاب الأجانب إلى أستراليا 1.9 مليار دولار. وفي العام نفسه، شكل التعليم الدولي نسبة 9 في المائة من إجمالي صادرات الخدمات في أستراليا. ووفقاً لما ذكرته وزارة التجارة في حكومة أستراليا الغربية في عام 1992، فإنَّ الاستثمارات في التعليم العالي توفر فرص العمل لـ3786 شخصًا وتدر إيرادات تصل إلى 100 مليون دولار. وفي بلدان أخرى ووفقاً للحكومة الكندية في عام 1991، ساهم الطلاب الأجانب بما يقدر بنحو 1.5 مليار دولار للاقتصاد الكندي، مما أدى إلى توليد أكثر من 19000 وظيفة. وقدرت الولايات المتحدة، وهي أكبر بلد مضيف للطلاب الدوليين، أن الدخل من هذا الاستثمار كان حوالي 6 مليارات دولار في عام 1993، أي حوالي 10 في المائة من إجمالي الفائض التجاري في الخدمات الأمريكية (Tim, 1998). وهذه الدراسة والإحصاءات تبين الأهمية الاقتصادية لاستقطاب الطلبة الدوليين ولذلك تتنافس كثير من دول الشرق الأوسط والاقتصادات الصاعدة في تنمية السياحة التعليمية ودعمها بكل المقومات الهامة مثل المؤتمرات الدولية والمتخصصة وتشجيع مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار واستضافة الجامعات العالمية والكوادر العلمية المميزة من الباحثين والفنيين، ومن هنا تأتي أهمية هذه المشاركة وما تحتاجه من دعم متواصل لإنجاح هذه الحملة ومما يجب ذكره أهمية وعي مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة بأهمية المشاركة في هذه الحملة والانخراط فيها بإيجابية ودعمها بمختلف أنواع الدعم الممكن.

وتميزت هذه المشاركة بتدشين شعار حملة "أدرس في عُمانstudy in Oman " والذي جاء على شكل خنجر وكتاب وقلم ثم رمز الخريجين متعلق بالخنجر العُماني ليعبر عن أصالة هذا الوطن وعراقته في العلم والتعلم وتخريج أفواج من العلماء المميزين عبر التاريخ ومساهمته في رفد الحضارة الإنسانية بمجموعة من المعارف في مختلف المجالات ومواصلة هذه المسيرة في نهضة عُمان المتجددة تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.

تعليق عبر الفيس بوك