"كفيتوا ووفيتوا"

 

بدرية بنت حمد السيابية

ماذا سأكتب وأعبِّر؟ وفكري قد شُلّ في لحظات مرَّت علينا بقسوة في ولايتي الحبيبة "السويق" والولايات المجاورة، يا لها من أيام ممزوجة بين الألم والحزن، بين دموع انهمرت من عين بكت وقلب تمزَّق وحسرة تخنق من فقد كل حلاله في غمضة عين، من صراخ الصغار والخوف يملأ قلوبهم الصغيرة البريئة، أو تلك الأم الحنونة تتزاحم معها خطواتها المتسارعة تبحث عن فلذات أكبادها وصوتها يعلو لتنطق عبارة "رحماك ربي" يتزاحمون لإنقاذ أرواح أبنائهم النائمين بسلام، رجفات قلوبهم محبوسة بين الخوف والقلق، تدفقت المياه من كل حدب وصوب، تحاصرهم من كل الاتجاهات داخل منازلهم بقوة شرسة دون رحمة تخترق الجدران تجري وتجري، تجرف وتسحق كل شيء.

زادت الأمطار الغزيرة تنزل بأمر الخالق الجبار، والإعصار في قوته يتزايد بين الحين والآخر، ظلت عيونهم ساهرة مُتعلقين بحبل رحمة الله واستجابة لكل دعاء من صغيرهم إلى كبيرهم، كم هي معاناة وكم هي ليلة مظلمة مخيفة، متى سيحل الصباح وتشرق الشمس بخيوطها الذهبية؟ شعور لايوصف في لحظات الدمار وجريان الوديان، قصص من الواقع سمعناها وعند حكايتها تدمع العين، ترى عجوزا قد فقد كل ما يملك من ذكريات تخلدت في قلبه وعقله منذ طفولته كل شبر من ذاك المكان انمحى ولن يعود، جدران بيته سقطت والنخيل الباسقة العالية سقطت بقوة الإعصار، وهو ينظر إليها بحرقة قلب والدمع في عينه يقول: "سامحيني".

شاهدنا الكثير من القوافل الخيرية للشباب العماني تتوافد من جميع أنحاء السلطنة، موزعين بتنظيم من قبل اللجان التطوعية والعسكرية لمساعدة الناس في المناطق المتضررة جراء إعصار (شاهين) ولمسنا الدور الجبار المبذول من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة في إعادة البنية الأساسية المتضررة من طرق ومنازل ومنشآت وتأهيلها من جديد، مؤكدًا أن عبارة (عُمان عظيمة بشعبها) والأجمل من كل ذلك عندما تجد متطوعاً بادر وهو من ولاية ثانية فيقول: أنا أمثل وطني وليس ولايتي فهذا الشعور المطمئن يبعث في أنفسنا الفخر والاعتزاز.

الكل يشارك في المساعدة والمبادرات الطيبة من رجالهم ونسائهم - شبابهم وشيابهم، يعملون كخلية"نحل" يحضرون من الصباح إلى الليل، يعملون بجهد وعزيمة في الساحة رغم الألم يخلقون لأنفسهم جو التلاحم والألفة ومعرفة الصحبة الصالحة في إتقان العمل التطوعي والخيري، فينقسمون على أقسام لمباشرة العمل بصحبة رجالنا البواسل كل الشكر والتقدير لهم.

أيام مرت بحلوها ومرها وستمر بإذن الله تعالى بكل يسر وسهولة وتعود الحياة لكل من تضرر من هذا الإعصار وسيكون الله في عوننا جميعًا.

شكرًا لكل متطوع ومتطوعة عُمانياً كان أو مُقيماً على أرض السلام، شكراً لمن بادر وساهم في تخفيف معاناة هؤلاء الأشخاص المتضررين، شكرا لكل الفرق الخيرية والأهلية، شكراً لقواتنا المسلحة ومنتسبيها، شكرًا للبلدية وعامليها تجدهم في الساحة أثناء العمل يقومون بدور جبار في النَّظافة، شكرًا للعالم أجمع، بكم تحلو المحبة والود، بكم تعلو الهمم العالية، شكراً لك يا الله على كل شيء.

تعليق عبر الفيس بوك