في رثاء الشيخ سعود الخليلي

 

د. بسام سيف الدين الخطيب **

** سفير الجمهورية العربية السورية لدى السلطنة

 

في حديث القامات تختلف المسافات، فلا يعود إلا لباسقات الأشجار السبق من حيث يبدو الأخضر عطاء، والبني فضاء، وألوان الثمر الأحلى حبًا وطيرًا وسموًا.. يكتب الشيخ سالم العبري، شيخ الكلمات الصادقة، تقديرًا لقامة عُمانية سامقة ترجلت عن صهوة العطاء الكثير لتتوجه إلى دار البقاء الأخير.

إنَّ يد الشيخ الخليلي الكريمة لطالما بقيت ممدودة، بمعزل عن ضعف البدن، لتقدم بعزم تحية السلام والعطاء، وهي يد اعتادت على أن لا تتراجع عن عون الغير ولا تنقطع عن تقديم الخير.

وهكذا كانت يد الفقيد عُمانية راسخة في عرض السلام وقوية في مواجهة الأيام وتتجاوز الزمان والمكان؛ إذ إنَّ عراقتها تشد إزر المبدأ وعروقها تُصافح أصحاب المبدأ، وتبعث رسائل الشموخ والأمان وهو شأن الأم الأصيلة عُمان. ويُعبر الشيخ سالم العبري بصدق وهو لا يفعل غير ذلك، ويكتب حُسنًا عن الفقيد الفريد الشيخ سعود الخليلي، وقد فعل حسنًا.

الفقيد الشيخ سعود الخليلي كريم ابن كريم، وسليل عزٍ نسبًا ومعرفةً وحكمةً، وقد أثار الشيخ سالم العبري في عرضه (خلال سلسلة مقالات نشرتها جريدة الرؤية) تجمع طيف من عظيم الشخصيات والقيادات في عدة بلدان أحبها، ولا يتردد في وضع المجاهد الخليل بينها. التقيتُ شخصيًا بالشيخ سعود الخليلي أكثر من مرةٍ برفقة عُمانيين إخوة وأحباء، واستمعت إلى حكمته عندما كان يختار الصمت، وفهمت غاية ما يقول عندما كان يختار موجز القول.

ولعمري، فقد وثقت بأن اختيارات العزيز الراحل كانت تعكس أدب الاستماع وفن الحوار وسديد القرار بعد ذلك في المواقع التي تقلد مسؤوليتها، والمهام التي نفذها بين سياسية ودبلوماسية وفقه وعلم وإنجازات شعبية ورسمية، وكان بعضها قد ارتبط ببلدي سوريا. وقد أجاد الشيخ الخليلي في أداء مُهمته وكانت حصيلتها تعزيز علاقات الأخوة والاحترام بين البلدين الشقيقين، وفعل ذلك في دول أخرى، ولذلك تيقنت أنَّ عدد أيتامه لابُد كثير.

لعلّ الماضي كان واضحًا في ارتباطه الوثيق بتميز الخليلي، وما أعنيه هو أن يكون المستقبل واضحًا أيضاً أو أكثر وضوحاً وارتباطاً عندما يذكر عُمانيا عظيما وكريما اعترفت له ميادين الحياة بمراحلها ومشاربها وتقلباتها بالأمانة مع العلم والأدب والأصالة، فضلاً عمن آمن بها وعمل من أجلها.

تعليق عبر الفيس بوك