لبيك يا وطني

 

منى بنت حمد البلوشية

"وترى قوافل أهل عُمان تحج في غير أشهر الحج، يأتون من كل فج عميق، ينفرون زرافات ووحدانا، لنجدة أهلهم في ‎شمال الباطنة، يطوفون على بيت كل محتاج، يسعون بين أماكن الإيواء، يعملون صفاً واحداً على صعيد واحد، فحق لنا أن ننحر الهدي احتفالاً بهذا الشعب العظيم".. هكذا بدأت الملحمة الوطنية في بلادي وكأنهم حجيج ينفرون ملبين نداء الوطن قائلين: "لبيك يا وطن"، نحن هنا نحن فداء رافعين رؤسنا مشمرين عن سواعدنا، لا نرتاح ولا يهدأ لنا بال إلا وجميع أهل عُمان بأمن وأمان.

نبضات القلوب تسارعت، وكل يد تشابكت وذرفت الدموع والدعوات تباركت الأيادي والعمل وبذلوا كل ما بوسعهم.. وكل فرق التطوع تنافست تنافسها الشريف لترسم البهجة والحبور على وجوه أتعبها الأسى وأصبحت مخيلتها مُعلقة بما حدث لها.

وبين مخيلتي تدور بها الأحداث وتحيك قصة اسمها عُمان عظيمة بشعبها؛ التي تجسدت فيها جميع قيم الحب والإخلاص والوفاء سطرها شعب لا يتوانى عن خدمة وطنه وأبنائه، لا أعلم كيف أحكي قصتي ولكنها تحكي قصتها بنفسها وما شاهده العالم من صور التلاحم والتعاضد الأخوي؛ يوم الثامن من أكتوبر ليس كأي يوم بل هو  يوم عرس جماعي تشهده جميع أنحاء السلطنة ليست فقط تلك المتأثرة بالأنواء المناخية بل بكت جميعها حباً ووفاء وهبوا جميعاً لشمال الباطنة؛ إنه الشعب الأبيّ الذي لا يهاب المحن؛ بل يجعل من المحنة منحة، وأصبحوا كالأصابع في كف واحدة.

توحدت الصفوف والجنود وهم يعلمون بأن الله لا يعطي أصعب المعارك إلا لأقوى جنوده ويعلمون أنهم يستطيعون أن يتغلبوا على هذه المحنة الإلهية والابتلاء لأنهم تربوا على اجتياز المحن وأن الأرض الطيبة لا تنبت إلا طيبا.

وكيف يحق لهذا الشعب الأبيّ أن يتراجع وهو الذي خاض معارك شتى ما بين جونو وفيت وكل ما أتى أخ لهم أصبحوا أقوى، ربما تخونني الكلمات من هول ما شاهدت من تعاضد وتكاتف؛ وتا الله إنه وطني الذي لن أتخلى عنه وسأبذل من أجله كل ما بوسعي؛ نعم لن أُخير بل سأختار وطني عُمان وألبي نداءه لبيك يا وطن.

‏وسيكتب التاريخ  في كتبه وبصفحات تاريخ البشرية أن العُمانيين كانوا أقوى وأكبر وأعتى من أي إعصار ويحق لنا  أن نفخر بأنفسنا في تلاحمنا وتعاضدنا وتكاتفنا مع بعضنا وهذا الذي تربينا عليه وصدق عندما قال الشيخ الراحل الصباح :"قابوس ما مات وأنتو موجودين" فكيف لو كان بيننا وقال كلمته:"أحسنتم" ويا "أيُّها المواطنون الأعزاء" بوركتم يا أبناء قابوس وأحفاده فقد أوصلتم رسالة للجميع بأنكم أوفياء أعزاء.

فشكراً من الأعماق للمتطوعين من كل الأعمار شكرا لرجال جيشنا البواسل ولكل من أدرك قيمة الوطن وساهم وبذل ولو بالقليل فعند الشدائد تظهر المعادن وظهر معدنكم أيها الأبطال الصناديد والشعب الوفيّ.

لقابوس الوفاء ولهيثم الولاء، نحن معك يا سلطاننا المغوار يا من أعطاك الأمانة وكلفك بها.. نحن معك وبسواعدنا مستمرون في تعمير الوطن؛ فالعطاء مستمر في وطن العطاء والأيام تبرهن قوة التحدي والوقوف أمام العواصف.. نحن عُمان، وعُمان نحن.. ودام عطاؤك يا شعب عُمان.. باختصار أنتم قصة اسمها "عُمان عظيمة بشعبها".. فمشاعري لن تستطيع وصف كل الحب وما شاهدته أنا عُمانية وأفخر وأفاخر بذلك وعلى منصة تتويج نتوِّج الحبيبة عُمان.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة