الحمدُ لله

منى بنت حمد البلوشية

الحمد لله، ثناء أثنى به على نفسه تعالى، وفي ضمنها أمرَ عباده أن يثنوا به عليه؛ فكأنه قال: قولوا: الحمد للَّه، وهو الثناء على الله بصفاته التي كلها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية.

الحمدلله كلمة كلما نادى ولهج بها لسان العبد ارتاحت روحه وارتقت لخالقها؛ وكأنها شهيقه وزفيره، وتدل على رضاه بقدر الله وقضائه له في السراء والضراء.

قل: "الحمدلله" هذه العبارة التي لهجت بها أولى خُطب الجمعة بعد انقطاع دام سنة ونصف السنة، ورفرفت الأرواح فرحا وشوقا لها؛ كيف لا تكون هي التي تبدأ بها منابر الجُمع بعد ذلك الانقطاع والأرواح التي بكت لغلق المساجد لما ألمَّ بنا من أمراض وعجز الأطباء لإيجاد علاج لها حتى جاء الفرج الذي ما زال يحدونا فيه الحذر، الحمدلله على نِعم الله التي أنعمها على عباده حمدا كثيرا طيبا مُباركا.. حمدا لعطايا الإله الجزيلة والكثيرة التي لا تُعد ولا تُحصى.

إنِّها العبارة التي ما تفتأ أن تنفك من لسان العبد كلما أصابه خيرٌ نطق بها وكلما أصابه سوء قال بها والحمدلله وإنها الخيرة من رب العالمين؛ فالحمدلله على ما أنعم به من النِعم ما غرد طير ونطقت بها ألسن البشر وعدد قطرات المطر وما لا نهاية لها.

"ولئن شكرتم لأزيدنكم"؛ فكلما شكر العبد ربه وحمده أعطاه وأغدق عليه من النِعم ما ظهر منها وما بطن..كم يحيى الإنسان في كنف عطايا الإله العظيم متمتعاً آنسًا بها.

عش مع الكريم وتأمل حياتك كلما نطقت "الحمدلله".. كم كانت أنفسنا في بداية الأزمة تضيق وكنَّا لا نعلم خفايا القدر وما علينا فعله، إلا أنها كانت تحمل في طياتها عِبرا وحكما إلهية لا يعلمها سواه. ولو تمعنَّا فيها لوجدنا فيها الكثير رغم ما كان البعض يتذمر منها ومن فترات الإغلاق وما حدث فيها، لكننا رغم كل ما حدث كنَّا نقول: إنه خير لنا فحمدناه على ما كنَّا عليه وما أصبحنا وأمسينا عليه.

"الحمدلله" لو تأملناها كم هو الخير الذي بين ثناياها وكيف هي الروح تنساق لها.. انطقها بكامل جوارحك واستشعرها. ونحن نحمده ونشكره بأننا نصبح ونمسي آمنين في بلادنا وسربنا؛ ومعافين في أجسادنا،ونتأمل حياتنا عند بزوغ الفجر وشروق الشمس وغروبها؛ ونحن نمتلك حياة جديدة لنعوّض ما فاتنا في اليوم الذي رحل، يوم لا نعلم خفاياه وخباياه سوى أننا نتوكل به على الله، فالحمدلله القادر على أن ينتشلنا مما نحن عليه وما سنكون عليه، الحمد لله على ما نحن عليه من رزق وفير وحياة هانئة وجميع من حولنا بخير.

ثق تماماً بأنك كلما حمدت الله وجعلت الحمدلله على لسانك دائمة ستشعر بروح السعادة التي لا تعلم مصدرها وذلك لأنك رضيت بقدر الله الذي كتبه لك وسيدهشك بكرمه وعطائه بعد حين.

"فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"؛ فكلما جعلت الحمد والشكر ذكراً مستديماً جعل الله لك من كرمه ما تهنأ به حياتك فمع الله تتغير الأقدار، لأنه كرم لا  يخضع للمعادلات، بل هو فضل إلهي ستدركه فيما بعد وتستشعره في ثنايا روحك، كن ذاكرا لله مستشعراً لكل نعمائه، شاكرا له في كل حين، ودع لسانك وقلبك يشعران ببعض ولا تفصلهما حتى تتنفس بالحمدلله وما بين ثناياها من عطايا.

فجميع أنواع المحامد من صفات الجلال والكمال هي لله تعالى وحده دون سواه وعلينا أن نحمده ونثني عليه بذلك.

"وآخر دعواهم أن الحمدلله رب العالمين"؛ اللهم أوزعنا أن نشكر نعمك.. واجعلنا لك ذاكرين ولنعمك شاكرين.. واهدنا لأعمال تجزل لنا عليها الشكر يا شكور يا كريم.

تعليق عبر الفيس بوك