متى نرى "جمعية المعلمين"؟!

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

إرهاصات كثيرة ومُتعددة ومتنوعة يشهدها الحقل التعليمي والتربوي كل عام، بعضها معتاد والآخر يحتاج إلى علاج، ويظل المعلم في الواجهة أمام المجتمع وأمام الوزارة، كل المسؤوليات تأتي من أعلى لتصب صباً على ظهره، المهم أن يعطي ويقدم ويضحي تحت كل الظروف، ومع هذه التحديات والصعوبات أرى من وجهة نظري المتواضعة ضرورة وجود جمعية خاصة بالمُعلمين.

وتأسيس "جمعية المعلمين العُمانية" سيسهم إسهامًا كبيرًا في تطور العملية التعليمية بالسلطنة، وستكون الأبرز بين كل الجمعيات لديمومة العمل التعليمي وحاجته الماسة إلى التطوير والتأهيل والتدريب وتبادل المعلومات والخبرات بين أعضائها لزيادة كفاءة المعلم العماني، وحاجة الكوادر التعليمية للجلوس مع بعض لمناقشة الواقع التدريسي ومعالجة التحديات والصعوبات التي تظهر في كل عام دراسي ولعل أبرزها حاليًا (زيادة نصاب المُعلم من الحصص) وما تواجهه العملية التعليمية جراء هذا التحدي من مخاطر على المستوى التحصيلي وقدرة المعلم على الوفاء بواجباته المناطة به. لن أُعددَ التحديات التي يواجهها المعلم والتي تحتاج إلى وقفة وعلاج ومراجعة على مستوى الجمعية المقترحة، ولن أعدد تلك الأهداف الراقية والمذهلة التي يمكن أن تتحقق في المستقبل من خلال هذه الجمعية.

أغلب المهن والوظائف لها نقابات وجمعيات تدافع عن حقوقها وحقوق منتسبيها فالمحامون لهم جمعيتهم والصحفيون كذلك والعمال لهم نقاباتهم؛ بل إن بعض الشركات يوجد بها نقابات لعمالها إلا المعلمون فلا جمعية تجمعهم، ولا نقابة تدافع عن حقوقهم، ولا هم أنفسهم يتحركون ليكون لهم كيان ووجود يستطيعون من خلاله معالجة مشكلاتهم؛ بل نرى وسائل التواصل الاجتماعي البوابة التي يطرحون من خلالها آهاتهم وتطلعاتهم ونظرتهم للجانب التعليمي، وهي وسائل تنتهي بها القضايا تباعًا لوجود قضايا أخرى مهمة، كما إن المشاركين فيها من كل حدب ولا يمثلون في أغلبهم الحقل التعليمي بمعنى أن الأمور تتوه في هذه الوسائل.

من هنا، نقترح على المعلمين العمانيين السعي بالوسائل القانونية لتأسيس جمعية لهم، وسوف تخدم هذه الجمعية كل الحقول التعليمية وستسهل على الوزارة مُعالجة العديد من القضايا وسيخف الحمل الملقى على عاتقها وعاتق المديريات وسنرى الجوانب التطويرية ظاهرة على السطح، فالمؤسسة التعليمية متشعبة ومتجددة وكل يوم تشهد الجديد، والمعلم يحتاج من يقف معه ويناصر قضاياه ويشد على أزره ويرقى بتطلعاته، فالمعلم العماني بشهادة الجميع يعطي ويقدم ويثابر ويجتهد ومُحب لمهنته العظيمة ويقدم بحب لأجلها ولأجل النهوض بأبناء هذا الوطن الغالي. ووجود جمعية تحتضنه وتساهم في تطوره وتقدمه، أصبح مطلبًا مهمًا وضروريًا، وليس ترفًا ومظهرًا كماليًا كما يعتقد البعض.

ربما يأتي أحدهم ويقول إنَّ المعلمين طالبوا بإنشاء جمعية تجمعهم تحت سقف واحد، لكن الوزارة رفضت أو جمدت هذا المطلب، وإن صح هذا فلا مانع من المطالبة مرة أخرى، والإصرار على تحقيق المطلب، فالمعلمون يمثلون شريحة كبيرة من موظفي الدولة ولهم الحق في أن تكون لهم مظلة ومرجعا يرجعون له في كل شؤون العملية التعليمية، وعلى الوزارة التعاون وتسهيل ظهور هذه الجمعية التي سيكون لها شأن كبير ومستقبل مبهر في تطوير الكوادر وإظهار القدرات العظيمة التي يتحلى بها معلمو السلطنة، وستكون الجمعية الحاضنة والمحفزة والمطورة والمساندة لجميع حقوق المعلم، وستكون المساندة لجهود الوزارة والواجهة التي يشار إليها في تطور وتقدم المعلم العماني، والممثل الحقيقي له في المطالبة بحقوقه والمرشدة في ترسيخ واجباته الوظيفية، كما إنها ستكون الممثل للسلطنة في جمعية المُعلمين العرب والاتحاد العالمي لنقابات المعلمين، وفي المستقبل يمكن أن يكون لها شأن بالمشاركة ضمن الوفود التربوية الرسمية في اجتماعات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" والمنظمة العالمية للمعلمين وغيرها.. ودمتم ودامت عُمان بخير.